72% من الفرنسيين يريدون إلغاء امتيازات الجزائريين في فرنسا

الدار/ إيمان العلوي
في ضربة جديدة للنظام الجزائري، كشف استطلاع للرأي أجراه معهد “CSA” الفرنسي أن 72% من الفرنسيين يؤيدون بشدة إلغاء اتفاقيات 1968، التي تمنح الجزائريين تسهيلات استثنائية للإقامة والعمل في فرنسا. هذه النسبة العالية تعكس غضبًا شعبيًا فرنسيًا من استمرار امتيازات يعتبرها كثيرون “غير مبررة”، وتفتح الباب مجددًا للتساؤل: لماذا تمسّك النظام الجزائري باتفاقية أصبحت عبئًا على علاقات البلدين، وعلى شعبه في الداخل والخارج؟
وقّعت الاتفاقية في سياق تاريخي خاص عقب استقلال الجزائر، وكانت تهدف إلى تنظيم تنقل اليد العاملة الجزائرية نحو فرنسا. لكن بدل أن تكون وسيلة انتقالية نحو شراكة متوازنة، تحولت بمرور الزمن إلى أداة بيد النظام الجزائري للالتفاف على مسؤوليته تجاه شعبه، فاعتمد على فرنسا كـ”متنفس اقتصادي واجتماعي” لتصدير مشكلاته الداخلية المزمنة.
النتيجة؟ هجرة جماعية مستمرة، ونزيف بشري للجزائر، دون أن يقدم النظام إصلاحًا حقيقيًا يحفّز بقاء الشباب أو يعيد ثقة المواطن في بلده.
النظام الجزائري، وعلى رأسه الرئيس عبد المجيد تبون، لم يُظهر في السنوات الأخيرة سوى العجز والارتباك في معالجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية. وفي كل مرة يُثار فيها ملف الهجرة أو الاتفاقيات الخاصة، يكتفي بخطاب “سيادي” فارغ، لا ينعكس على الأرض سوى بزيادة القمع وتضييق الحريات، ما يدفع الشباب الجزائري للفرار بكل الطرق.
ومن المفارقات أن السلطة الجزائرية كثيرًا ما ترفع شعار “عدم التدخل في الشؤون الداخلية”، بينما تعتمد على اتفاقيات قديمة تربط مصير مئات الآلاف من الجزائريين بسياسات باريس.
إذا تم إلغاء هذه الاتفاقيات، كما بات مرجحًا بفعل الضغوط السياسية والشعبية داخل فرنسا، فإن الجزائريين سيفقدون الامتيازات التي ظل النظام يستثمرها سياسيًا، دون أن يقدم شيئًا ملموسًا لشعبه. وستُعامل الجالية الجزائرية كما غيرها من الجنسيات الأجنبية، وهو ما قد يطرح تحديات كبيرة على الآلاف ممن يقيمون أو ينوون الإقامة في فرنسا.
لكن الأهم من ذلك: هل يستعد النظام الجزائري لتحمل مسؤولياته تجاه مواطنيه الذين لطالما اعتبرهم “مشكلة فرنسا”؟
السلطات الجزائرية تستغل كل فرصة لمهاجمة فرنسا، سياسيًا وتاريخيًا، لكنها في الوقت ذاته تُبقي على اتفاقيات تعود لعهد الوصاية، لأنها تخدمها داخليًا. هذه الازدواجية لا تخدم لا العلاقات الثنائية، ولا الجالية الجزائرية، ولا حتى الجزائر نفسها.
وفي ظل مؤشرات واضحة على فتور العلاقات الدبلوماسية بين باريس والجزائر، ورفض فرنسي متصاعد لما يعتبرونه “تمييزًا لصالح الجزائريين”، يبدو أن وقت المراجعة قد حان — ليس فقط للاتفاقيات، بل للسياسات التي جعلت من الهجرة القسرية حلاً دائمًا لمآزق نظام لا يريد الإصلاح.