تعيين ممثلة اتحاد المغربي العربي يستفز حقد الكابرانات

الموقف المتشنج الذي عبرت عنه وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية بعد تعيين السيدة أمينة سلمان ممثلة دائمة لاتحاد المغربي العربي لدى الاتحاد الإفريقي يعكس مرة أخرى عقلية الكراهية والحقد التي تحرك الكابرانات وتحكم توجهاتهم الدبلوماسية والسياسية، لأن سبب الحقيقي هو أن الأمر يتعلق بمسؤولة مغربية. هذه هي حقيقة البلاغ العدائي الذي أصدره الكابرانات بعد استقبال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى محمد فقي لأمينة سلمان وقبوله أوراق اعتمادها، وما الاعتبارات الأخرى التي وردت في هذا البلاغ إلا مجرد حيثيات لتبرير هذا التشنج الجديد الذي إن دل على شيء فإنما يدل على أن دار الكابرانات على حالها وألّا شيء تغير في أفق العلاقات المغاربية.
فبعد أن نجح الكابرانات على مدى عقود من الزمن في تجميد أنشطة اتحاد المغربي العربي وقتل هذه المنظمة الإقليمية الواعدة التي كان من الممكن أن توحد دول المنطقة وتجعلها قطبا دوليا قويا، يواصل هذا النظام العسكري الوفاء لنهج الفُرقة والتشتت، ويحاول تبرير ذلك ببعض المبررات القانونية والتنظيمية، التي ليست في عمقها إلا غطاء لمواقف مسبقة لا يمكن أن تتغير. مواقف قائمة بالأساس على “الكبرياء المزعوم” الذي يحس الكابرانات أنه تعرّض للخدش والجرح مع قبول تعيين السيدة أمينة سلمان بعيدا عن استشارتهم على حد زعم البلاغ، ودون إجماع.
هذا يعني أنه لو كانت الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي عيّنت في هذا المنصب مسؤولا مقترحا من طرف نظام الكابرانات ما كان ذلك أثار أي اعتراض أو موقف أو تشنج. بالمناسبة نحن نتحدث عن اتحاد شبه معطل تماما منذ تأسيسه، ولا يمارس أي تنسيق أو تفعيل لصلاحياته أو اختصاصاته أو مشاريعه إلا من خلال لقاءات شكلية لا أقل ولا أكثر. المقصود أن اتحاد المغربي العربي أصلا منظمة شبه شكلية لا وجود لها إلا من الناحية المعنوية والاعتبارية، وحتى هذا الوجود الرمزي يمثل بالنسبة للكابرانات مجال منافسة وتسابق، وحسابات سياسوية ودبلوماسية ضيقة، إلى درجة تستدعي إصدار مواقف وبلاغات رسمية من طرف وزارة الشؤون الخارجية.
لقد كان أولى بالكابرانات التفكير في سبل تفعيل اتحاد المغرب العربي والعمل على مبادرات عاجلة وفعلية من أجل خروج كافة مؤسساته إلى حيز الوجود سواء على مستوى التكامل الاقتصادي أو رفع القيود الجمركية أو فتح الحدود أو ملاءمة القوانين والتشريعات إلى غير ذلك من رهانات الوحدة الإقليمية التي ينشغل بها الكثير من البلدان في مناطق أخرى من العالم. فالمرحلة الحساسة التي يمر بها العالم اليوم، مع توجه واضح نحو إعادة تشكيل النظام الدولي تقتضي أكثر من أي وقت مضى النزوع نحو التكتلات الإقليمية التي تضمن المصالح وتوحد الصفوف والكلمة في مواجهة التحديات المتعددة. لكن للأسف، كل هذه الرهانات الهامة لا تهمّ نظام الكابرانات في شيء، بقدر ما يهمه تعيين ممثل دائم للاتحاد في مفوضية الاتحاد الإفريقي خارج إطار الإجماع أو دون استشارة.
طيب ولنفترض أن المسؤولة المذكورة عُينت فعلا بناء على الاعتبارات التي ذكرتها وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، هل هذا يعني أننا كنا سنشهد انطلاقة حقيقية لأشغال ونشاط اتحاد المغرب العربي؟ هذا مجرد وهم. فهذا النظام لن يقبل أبدا بأقل من تشتيت جيرانه وتقسيم أوطانهم كي يتربع على عرش القيادة المزعومة للمنطقة. بل إننا نكاد نجزم أن تحويل اتحاد المغربي العربي إلى ملحقة رسمية لوزارة الخارجية الجزائرية لن يكفي لإرضاء تعطش الكابرانات إلى وهم الزعامة الإقليمية. لذلك ينبغي لقافلة اتحاد المغربي العربي وهياكله التنظيمية أن تسير كما هو مطلوب، حتى وإن ظلت الكلاب تنبح.