أخبار الدار بلوس

كيف زادت محنة الزلزال صورة المغرب والمغاربة تألقا وسطوعا؟

الدار/تحليل

ماذا يعني انعقاد اجتماعات دورة 2023 للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي بمراكش في الموعد الذي كان مقررا لها؟ على الرغم من زلزال الحوز المدمر وهول الكارثة التي ضربت بلادنا في ليلة 8 شتنبر إلا أن السلطات المغربية أصرّت على أن تنعقد هذه الاجتماعات في موعدها وألّا تُؤجل أو تُنقل إلى بلد آخر. وما الذي يعنيه قبول المسؤولين عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الحفاظ على هذا الموعد وفي مراكش نفسها التي كانت أقرب المدن الكبرى إلى بؤرة الزلزال؟ إنه دليل آخر على الثقة الكبيرة التي أضحت بلادنا تحظى بها اليوم في المنتظم الدولي وفي المنتديات العالمية الاقتصادية والسياسية.

لقد عبّرت جلّ دول العالم وشخصياته ورموزه عن تعاطفها الشديد مع بلادنا بعد الكارثة التي ألمّت بها، ولم يتأخر أحد عن تقديم العزاء وعرض المساعدة والتضامن على المغرب والمغاربة. ولم يتردد المسؤولون عن أقوى مؤسستين ماليتين في العالم في اتخاذ قرار عقد الاجتماع الذي سيضم نخبة المال والأعمال والقرار الاقتصادي الدولي في مدينة مراكش، غير آبهين بما يمكن أن يتردد هنا وهناك من أنباء عن الهزات الارتدادية أو التهديدات التي تمثلها البنايات الآيلة للانهيار. مراكش مدينة آمنة وهادئة ووديعة على الرغم من الليلة العصيبة التي عاشتها، والأضرارِ الجزئية التي لحقت بعض مبانيها، لا سيّما تلك الواقعة في نطاق المدينة القديمة.

لكن مراكش لم تفقد أبداً ألقها وجاذبيتها، فأفواج السياح تواصل توافدها على هذه الحاضرة، والكثيرون منهم يفعلون ذلك اليوم تضامنا مع هذه المدينة ومع أبنائها العاملين في القطاع السياحي، بل إن بعض السياح الذين غادروا مراكش بعد الزلزال مباشرة فعلوا ذلك وهم يبكون ويعِدون بالعودة في أقرب وقت تضامنا ودعما للمراكشيين والمغاربة. وهذا الموقف ذاته هو الذي يعبّر عنه المسؤولون اليوم في البنك الدولي، وهم يشيرون إلى أن هذا الاجتماع سيشكل أيضا فرصة مناسبة للتفكير في الوسائل المناسبة لدعم المغرب ومساعدته على الخروج من محنته وتجاوز تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة الحوز وما حولها.

لذلك فالذين كانوا يحلمون واهمين أن المغرب سينهار وسيفقد ألقه الدولي ويستسلم لتداعيات الكارثة وربّما تراجع عن ترشيحه لاستضافة كأس إفريقيا للأمم جاءهم الردّ الحازم بعد أن انعقد مؤخرا أيضاً بعد الزلزال اجتماع ثلاثي ضمّ مسؤولين عن الجامعة الملكية لكرة القدم والاتحاد الإسباني لكرة القدم والاتحاد البرتغالي لكرة القدم. وتداول الأطراف الثلاثة وفقا لما أورده بلاغ للجامعة الملكية لكرة القدم الترتيبات الخاصة بتهيئة ملف الترشيح الثلاثي الخاص بتنظيم كأس العالم 2030 الذي سوف يقدمه البلدان الثلاثة. لذا نريد أن نطمئن حسّادنا ونحن في أوج محنتنا أن هذا البلد سيقوم أقوى مما كان في السابق وأن الزلزال الذي أودى بأرواح غالية على قلوبنا من أبناء الأقاليم المنكوبة لن يقتل أبدا في نفوسنا روح العزيمة والتحدي والنهوض.

سيواصل المغرب احتضان الملتقيات الدولية والترشّح للمسابقات القارية والعالمية والترويج لصورته كبلد منفتح وصاعد يتقبّل الآخر ويمدّ يده بالسلام والأمن والنماء سواء في القارة السمراء أو العالم العربي أو في كافة أنحاء العالم. ولن يتراجع أبدا عن الأوراش الاقتصادية والاجتماعية التي فتحها من قبل، وبرامج التأهيل والتنمية التي أطلقها من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق المجالية. بل إن الصورة الإيجابية للغاية التي ظهرت مرة أخرى عن المغرب والمغاربة بعد كارثة الزلزال ستسهم في تألق نجم المملكة مرة أخرى، بعد أن أظهرت الوجه الحضاري والإنساني للكائن المغربي القادر بقيمه وثقافته وأصالته على مواجهة أعتى التحديات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى