أخبار الدار بلوس

ما مدى مسؤولية الجزائر عن هجمات السمارة الإرهابية؟

الدار/ افتتاحية

تبنّي جبهة البوليساريو الهجمات التي استهدفت أحياء سكنية بمدينة السمارة يقطع الشك باليقين فيما يتعلق بتصنيف هذه الميليشيا ضمن المنظمات الإرهابية القليلة المتبقية من حقبة الحرب الباردة. والمزاعم التي قدمتها هذه الميليشيا عن استهداف تخندقات للقوات المسلحة الملكية تكشف أيضا الورطة الأخلاقية التي تتورط فيها بإصرارها على حمل السلاح واللجوء إلى خيار العنف ضد المغرب والمغاربة، لا سيّما من المواطنين المدنيين المسالمين. ليس هناك طبعا أيّ أبعاد أمنية مثيرة للقلق في هذا العمل الإرهابي الجبان الذي يمكن أن يخترق أيّ جهاز أمني في العالم، لكنّه ينطوي بالأساس على إشارة خطيرة تؤكد أن نظام الكابرانات ربّما دخل مرحلة التفكير في خوض مغامرات غير محسوبة بتاتا.

ونحن نعلم علم اليقين في المغرب أن انفصاليي الجبهة لا يمكنهم أبداً الإقدام على أيّ خطوة عسكرية مهما كانت صغيرة أو جريئة خارج إطار الضوء الأخضر الجزائري. بل يمكننا أن نجزم أن هذه العمليات العسكرية أو المناوشات اليائسة التي تحاول جبهة البوليساريو من خلالها إثبات وجودها وبقائها ليست سوى إملاءات خالصة من المخابرات العسكرية الجزائرية التي تخطط وتدبر ثم تكلف عناصر التنظيم المأجور بالتنفيذ. والتوقيت الذي جاءت فيه هذه العملية الإرهابية دالّ للغاية في هذا السياق على الإفلاس السياسي والدبلوماسي الذي تتخبط فيه أطروحة الانفصال بعد التحولات العميقة والجذرية التي عرفتها قضيتنا الوطنية في السنوات الثلاث الماضية بتزايد الاعترافات الدولية وتغيير الكثير من البلدان مواقفها السابقة.

وربما يفكّر “عباقرة” الكابرانات أن دفع البوليساريو إلى الإقدام على هذه العملية الإرهابية بتزامن مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة قد يضلل المجتمع الدولي والعربي ويوحي بالتقاطع المزعوم بين القضية الفلسطينية وقضية الصحراء. شتّان بين نزاع شرعي حمله ويحمله مناضلون أحرار على عاتقهم من أجل استرجاع حقوق يعترف بها العالم بأسره بما في ذلك إسرائيل نفسها، وبين نزاع مفتعل اصطنعته القوة الاستعمارية السابقة وغدّته أحقاد الأنظمة العسكرية في ليبيا والجزائر بالتمويل والسلاح حتى يمتلك شرعية مفقودة. لن نبالغ إذن إذا اعتبرنا أن الأحداث الإرهابية التي استهدفت مدينة السمارة سيتحمل مسؤوليتها النظام الجزائري أولا وقبل كل شيء، وأنه سيدفع عاجلا أم آجلا ثمنها ويقدم الحساب لضحاياها.

ويجب ألّا ينسى نظام الكابرانات أن الجزائر دولة مخترقة أمنيا إلى أبعد الحدود، والدليل على ذلك أنها لم تنجح منذ بداية التسعينيات إلى يومنا هذا في القضاء على فلول الإرهابيين وجماعاتهم المسلحة المتناثرة في مناطق مختلفة من أنحاء البلاد شمالا وجنوبا. ويجب ألا ينسى هذا النظام أيضا أن المغرب ترفّع دائما عن الإيغال في دماء الجزائريين أو التورط في سفكها على الرغم من الخلافات العميقة والاستفزاز الدائم. كانت الجزائر تعيش إبّان العشرية السوداء حالة هشاشة أمنية غير مسبوقة، ومع ذلك كانت السلطات المغربية تفضل أن تحافظ على تعاون أمني فعال من أجل محاصرة الظاهرة الإرهابية ولم تقبل أبدا أن تشكل قاعدة خلفية للتنظيمات التي كانت تهدد استقرار الجيران.

ما هو الجزاء الذي حصلت عليه بلادنا من نظام الكابرانات مقابل ذلك؟ الجزاء هو الاستمرار في دعم ميليشيا إرهابية مثل جبهة البوليساريو وتسليحها والسماح لها بإطلاق هجمات ضد بلادنا انطلاقا من الأراضي الجزائرية التي تحتضن قواعدها في منطقة تندوف وما حولها. من زاوية نظر القانون الدولي الجزائر مسؤولة مسؤولية كاملة عن أيّ هجمات أو اعتداءات إرهابية تنطلق من أراضيها تجاه أراضينا ومواطنينا وممتلكاتنا. ويجب أن تدرك أن عصر التساهل أو المسايرة الأمنية الذي كان في الماضي قد ولّى، وأن أيّ محاولات جديدة لتهديد أمن المغرب انطلاقا من الأراضي الجزائرية ستُواجَه بالرد المناسب في التوقيت الأنسب. ولن يتوقف الأمر طبعا عند حدود المقاربة الدفاعية فقط، على نظام الكابرانات أن يستعد لمواجهة تبعات قانونية لا حدود لها في المنتظم الدولي بمختلف هيئاته التقريرية والاستشارية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى