أخبار الدار بلوسأخبار دولية

عودة مغاربة العالم… ارتباط متجذر يُربك حسابات الجار الشرقي

عودة مغاربة العالم… ارتباط متجذر يُربك حسابات الجار الشرقي

 

 

الدار افتتاحية/ إيمان العلوي

رغم محاولات التضليل المستمرة التي تُبثّ عبر منصات إعلامية جزائرية مغرضة، تكشف الأرقام واقعاً مغايراً يعكس قوة الارتباط الذي يجمع الجالية المغربية المقيمة بالخارج بوطنها الأم. فقد سجلت عملية “مرحبا 2025” ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد الوافدين من أبناء الجالية بنسبة بلغت 13.31% مقارنة بالعام الماضي، ما يؤكد استمرار هذا الانتماء العميق وحرص المغاربة عبر العالم على قضاء عطلتهم الصيفية في أحضان الوطن.

هذا الإقبال المتزايد يتجاوز البعد السياحي أو الموسمي، ليجسد دلالة وطنية وشعورية واضحة، تفنّد كل محاولات التشويش التي تقودها بعض الأبواق الإعلامية من شرق الحدود، التي تروّج لصورة مغلوطة عن الوضع الداخلي للمغرب بهدف زرع البلبلة في صفوف الجاليات المغاربية في الخارج.

لكن المفارقة الصارخة تظهر عند مقارنة هذا الواقع المغربي بما تعيشه الجالية الجزائرية في أوروبا، خاصة في فرنسا، حيث تشير معطيات غير رسمية إلى تراجع كبير في أعداد الجزائريين العائدين إلى بلادهم خلال موسم الصيف، رغم توفر خطوط جوية وبحرية كثيفة. ويُعزى هذا العزوف إلى فقدان الثقة في المؤسسات، وغياب بيئة استقبال ملائمة، إضافة إلى شعور بالإقصاء السياسي والاجتماعي الذي يلاحق فئات واسعة من أبناء الجالية الجزائرية، حتى بعد عودتهم المؤقتة إلى وطنهم.

في المقابل، تراهن الدولة المغربية منذ سنوات على سياسة انفتاحية وإدماجية تجاه مغاربة العالم، تجسدت في تطوير بنى تحتية ملائمة، وتسهيلات في العبور، ودعم ثقافي ومؤسساتي يعزز الانتماء. كما أن توجيهات الملك محمد السادس خلال خطاباته المتكررة، وخاصة في خطابات العرش، كانت حاسمة في وضع مغاربة المهجر ضمن الأولويات الاستراتيجية الوطنية، ليس فقط كمصدر تحويلات مالية، بل كركيزة من ركائز السيادة الوطنية.

ويرى مراقبون أن هذا “الوفاء العائلي والسياسي” الذي يُبديه مغاربة العالم لوطنهم يربك خطاب النظام الجزائري الذي يعجز عن الحفاظ على صلات متينة مع جاليته، بل ويتعامل معها أحياناً بمنطق أمني أو انتخابي صرف، ما يخلق فجوة عاطفية ومؤسساتية بين الدولة الجزائرية ومواطنيها بالخارج.

تظل عودة الملايين من مغاربة العالم إلى وطنهم كل صيف مؤشراً حياً على نجاح نموذج الارتباط العاطفي والسياسي بالوطن، وهو ما يستحق التثمين لا فقط بالأرقام، بل بتعميق السياسات التي تجعل من الجالية شريكاً حقيقياً في التنمية الوطنية، وسط إقرار إقليمي بأن المغرب يربح رهانه الإنساني، فيما يُخلف الجار الشرقي موعده مرة أخرى مع أبنائه في الشتات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى