أخبار الدار بلوس

الكفاءات المغربية في الهيئات الدولية إمتداد لمسار ديبلوماسي عريق ومكانة متجددة في هندسة القرار الأممي

الكفاءات المغربية في الهيئات الدولية إمتداد لمسار ديبلوماسي عريق ومكانة متجددة في هندسة القرار الأممي

شكل إنتخاب المملكة المغربية، في شخص السفير عمر هلال، نائبا لرئيس مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للبلدان النامية غير الساحلية المنعقد بأوازا في تركمنستان، تتويجا جديدا لمكانة المغرب المتنامية داخل دوائر القرار الأممي، واعترافا صريحا بقدرة المملكة الدبلوماسييه على التفاعل الخلاق مع التحديات الدولية الراهنة. فليس هذا التكليف المتميز إلا وجها من وجوه التقدير الذي باتت تحظى به الكفاءات المغربية في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، وترجمة لمسار دبلوماسي راكمه المغرب بحكمة وتبصر و عززه عبر عقود من العمل المؤسساتي والبناء الهادئ للثقة والمصداقية.

لقد برهنت النخبة الدبلوماسية المغربية جيلا بعد جيل، عن كفاءة رفيعة و قدرة لافتة في التموقع داخل مفاصل المنظومة الأممية، فالمناصب لا تمنح اعتباطا، بل تكتسب بتراكم التجربة و الحنكة ونظافة اليد ورجاحة الموقف. ويكفي أن نستحضر أسماء وازنة لمعاصرين تركوا بصمتهم في ردهات الأمم المتحدة، أمثال السيدة نجاة رشدي، التي إضطلعت بمسؤوليات إستراتيجية ضمن منظومة العمل الإنساني الأممي، والدكتور محمد بن يحيى الذي عرف بإسهاماته الجادة في قضايا البيئة والتنمية المستدامة، ناهيك عن الحضور الوازن للسفير عمر هلال، الذي تميز ببلاغة ترافعه وصلابة مواقفه دفاعا عن القضايا الوطنية، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية، والقدرة على الانخراط الإيجابي في القضايا الكبرى للسلم والأمن الدوليين.
هذا التألق المعاصر ما هو إلا إمتداد لتاريخ دبلوماسي مجيد، خطته أجيال من رجالات الدولة الذين أعلوا راية الوطن في أصعب المنعطفات، وأرسوا تقاليد راسخة في فن التفاوض والتأثير. وعودة إلى ذاكرة العمل الديبلوماسي المغربي، فقد كان أحمد الطيب بنهيمة، أول وزير لخارجية المغرب بعد الإستقلال، ومن المؤسسين لمسار دبلوماسي حديث متشبع بروح السيادة والإنفتاح، وتلاه عبد الهادي بوطالب، الذي جمع بين الفكر السياسي والبصيرة الدبلوماسية، فكان صوتا مغربيا لامعا في المنتديات الدولية. ثم جاء الأستاذ محمد بوستة، فحمل على عاتقه الدفاع عن الوحدة الترابية في محافل كانت معقدة ومشحونة، قبل أن يسلم المشعل لعبد اللطيف الفيلالي، الذي تميز برزانته وعمق قراءته للمتغيرات الدولية، وأرسى جسوراً صلبة مع القوى الكبرى خلال حقبة بالغة الحساسية .

ختاما، إن حضور المغرب اليوم،في العديد من الهيئات الإقليمية والدولية، ليس مجرد تمثيل رمزي أو بروتوكولي، بل هو تموقع نوعي يعكس إرادة سياسية عليا في جعل المملكة فاعلا موثوقا في بناء نظام دولي أكثر توازنا وعدلا. وهو في الآن ذاته، إستثمار إستراتيجي في الرأسمال البشري الوطني، الذي أثبت أنه جدير بتولي مسؤوليات كبرى، وفاعل في صياغة القرارات التي ترسم ملامح المستقبل الإنساني المشترك.

ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان
خبير في نزاع الصحراء المغربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى