المملكة المغربية يقظة أمنية وحكمة في مواجهة الدعاية المغرضة.
المملكة المغربية يقظة أمنية وحكمة في مواجهة الدعاية المغرضة.

ظل المغرب على مر العقود مدرسة في الاستباقية الأمنية وحماية الإستقرار، بفضل حنكة أجهزته وكفاءة رجاله ونسائه، وعلى رأسهم السيد عبد اللطيف الحموشي، الذي جسد صورة رجل الأمن الوطني القوي بإنسانيته، الصارم في الحق، الحريص على كرامة المواطن، والساعي إلى تحديث وتخليق العمل الأمني بما يواكب تحديات العصر. فبقيادته المتوازنة لجهازي المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تحققت إنجازات نوعية في تفكيك الخلايا الإرهابية، والتصدي للجريمة المنظمة، وضبط الهجرة غير النظامية، حتى غدت التجربة الأمنية المغربية محط إشادة إقليمية ودولية، وركيزة في صون الإستقرار الوطني والإقليمي والدولي.
غير أن هذا المسار المضيء لم يستصغه خصوم الوطن وأعدائه، فاندست منصات مشبوهة وجندت لإختلاق قضايا وهمية تستهدف رموز أمنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة، في محاولة يائسة لتقويض الثقة العامة وضرب الرابط النفسي بين المواطن ومؤسساته. وهي حملات رقمية لا تختلف في جوهرها عما وصفه غوستاف لوبون في “سيكولوجية الجماهير” حين بين كيف يمكن للوهم المكرر أن يتخذ صورة الحقيقة، وكيف أن الجماهير لا تقاد بالبرهان بقدر ما تقاد بالصورة والعاطفة. لكن هذه “الفقاعات الإعلامية” لا تلبث أن تنفجر في الهواء، إذ سرعان ما تسقط أمام قوة الحقيقة وصلابة الواقع.
فالحكمة في المواجهة تقتضي ألا ننجر إلى ردود أفعال إنفعالية، بل أن يقابل التضليل بالسكوت الذكي حينا، وبالمبادرة الإيجابية الحكيمة حينا آخر، عبر إبراز الوجه الإنساني لرجال ونساء الأمن، وتسليط الضوء على قصص التفاني والتضحية التي يحيونها يوميا في سبيل حماية الوطن وضمان أمن المواطنين. فليس هناك سلاح أقوى من الحقيقة نفسها، ولا رد أبلغ على التشويه من نشر المحتوى الوطني الصادق الذي يكرس الفخر الجماعي بالمؤسسات الأمنية، خاصة حين تأتي شهادات التقدير من أعرق الأجهزة الأمنية الدولية التي تسعى إلى التعاون مع المغرب في أعقد قضاياها الداخلية.
وكما يقرر “إدوارد بيرنز” في نظريته حول “صناعة الرأي العام”، “بأن الأكاذيب والمؤامرات لا تجد موطئا إلا في الفراغ، بينما يظل المجتمع المحصن بالمعلومة الدقيقة والوعي النقدي عصيا على التلاعب”. فالمعلومة الصادرة عن مصدر رسمي تختلف جوهريا عن إدعاءات حسابات مجهولة تبحث عن الإثارة، والصورة المبتورة عن سياقها لا تملك ما يضاهي قوة الوثيقة الموثوقة أو التحقيق المعلن. إن إمتلاك العقل النقدي المدقق هو الحصن الأخير ضد زيف الأخبار والصور المتداولة، وهو ما يجعل التساؤل عن الدليل قبل التصديق بمثابة نزع السلاح من أيدي الجناء مروجي الوهم الذين يتغذون على الثقة العمياء وإستغلال نفسية المتلقي.
فالمعركة الحقيقية إذن لا تكمن في الرد على كل شائعة، بل في تعزيز الثقة الراسخة بين المواطن ومؤسساته، وفي ترسيخ قيمة الأمن باعتباره أساس الاستقرار ومظلة للوحدة الوطنية.
ختاما، الأمن المغربي، بفضل قيادته الحكيمة، لم يعد مجرد جهاز لضبط النظام العام، بل أضحى رمزا لوطنية صادقة تعمل في صمت وتضحي في الظل، ليظل الوطن في مأمن من العواصف. وتلك هي القوة الأصيلة التي لا تهزها الحملات ولا تنال منها الدعايات، لأنها تستند إلى التحام الشعب بمؤسساته، وإيمان راسخ بأن المغرب سيبقى حصنا منيعا في وجه كل المغرضين، بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، الضامن الأعلى لسيادة البلاد وصون مؤسساتها.
ذ/ الحسين بكار السباعي
محان وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.