أخبار دولية

صفعة أوربية جديدة للكابرانات تفضح واقع انتهاك حريات الصحافة

ما كاد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يرد خلال الأسبوع الماضي أمام وسائل الإعلام الجزائرية على تقرير منظمة مراسلون بلا حدود عن حرية الصحافة في الجزائر حتى عاجلته توصية البرلمان الأوربي الأخيرة بضربة قاضية أخرى. فقد صادق البرلمان الأوروبي أمس الخميس على توصية تطالب السلطات الجزائرية بإطلاق سراح الصحافيين المسجونين إحسان القاضي ومصطفى بن جامع، ووقف المضايقات ضد الصحافيين، فيما رد البرلمان الجزائري على التوصية الأوروبية، وأعلن رفضه لما سماه “السقوط المتكرّر لمؤسسة البرلمان الأوروبي”. وصوت 536 نائباً في البرلمان الأوروبي على التوصية، مقابل اعتراض أربعة نواب وامتناع 18 نائباً.

وحث النواب الأوربيون السلطات الجزائرية على الإفراج الفوري عن الصحافي إحسان قاضي الذي حكم عليه القضاء الجزائري الشهر الماضي بالسجن خمس سنوات بتهم تخص تلقي أموال من الخارج لغرض الدعاية السياسية. كما دعت التوصية الأوروبية السلطات الجزائرية إلى وقف الملاحقات القضائية ضد الصحافيين، ورفع الحظر على الإنترنت، والسماح للصحافيين الأجانب بزيارة الجزائر، مشيرة إلى ما وصفه بـ”تدهور وضع حرية الصحافة بشكل كبير في الجزائر، مع تزايد حجب السلطات للمواقع الإخبارية والمنشورات التي تنتقد الحكومة”. يحدث على بعد أيام قليلة فقط من محاولة الرئيس الجزائري خلال لقاء مع وسائل الإعلام الجزائرية تلميع صورة البلاد وتقديمها على أساس أنها تجربة ديمقراطية مميزة في محاولة الرد على تقرير منظمة مراسلون بلا حدود الذي انتقد التضييق على الحريات في البلاد.

والبرلمان الأوربي الذي يتعرض اليوم لانتقاد السلطات الجزائرية وإعلامها بعد توصية يوم أمس هو نفسه الذي احتفت وسائل الإعلام الجزائرية باستهدافها للمغرب قبل شهور من خلال توصيات مشابهة. وبعد أن كان هذا البرلمان في نظر الكابرانات في السابق حليفا وشريكا للجزائر، توجه اليوم الصحافة الجزائرية والمنظمات والهيئات والأحزاب المنضوية تحت لواء العسكر سهام نقدها الحاد إلى البرلمانيين الأوربيين الذين لم يكشفوا في الحقيقة سوى واقع الانتهاك والضغط الذي تعاني منه حرية الصحافة في البلاد. ولعلّ أخطر ما أشارت إليه توصية البرلمان الأوربي في هذا المجال مسألة الحظر الذي تفرضه السلطات الجزائرية على الإنترنت.

نعم لا يزال الكابرانات على غرار ما يحدث في الصين وكوريا الشمالية وإيران وبضع أنظمة شمولية معدودة، تتحكم في الشبكة العنكبوتية وما ينشر فيها من محتوى، وتوظفها من أجل تصفية الحسابات ضد بعض النشطاء والمدونين والمؤثرين الذين ينتقدون الأوضاع الداخلية سواء على مستوى تدبير الشأن السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي في البلاد. وتشهد الجزائر منذ أن تمت الإطاحة الشكلية برأس النظام السابق الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة وبعض من رموزه موجة من الاستهداف والتصفية التي تطال كل النشطاء الذين شاركوا في حراك فيفري الشهير. فبعد أن خفض نظام العسكر رأسه أمام العاصفة لفترة وجيزة، عادت المؤسسة الأمنية والمخابراتية الجزائرية للتحكم في المشهد من جديد وفرض سيطرتها على البلاد.

ولم يعد أمام النشطاء والمدونين والمؤثرين المنشغلين بالشأن العام في الجزائر خيارات معدودة للتعبير عن آرائهم. وبينما تعرض العديد منهم إلى الاعتقال والتوقيف والزج به في السجن، لم يجد آخرون من حل سوى مغادرة التراب الجزائري ولو بشكل سري على غرار ما حدث مع الناشطة الحقوقية أميرة بوراوي التي أثارت مغادرتها للبلاد أزمة دبلوماسية بين الجزائر وفرنسا. يذكر أن الجزائر حلت في المرتبة 136 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة لعام 2023 الذي أعدته منظمة مراسلون بلا حدود. وأشارت هذه المنظمة إلى أنه “لم يسبق للساحة الإعلامية الجزائرية أن شهدت مثل هذا التدهور، حيث باتت وسائل الإعلام المستقلة تتعرض للضغوط باستمرار، ويُسجن الصحافيون أو يحاكَمون بانتظام، ناهيك عن إجراءات الحجب التي تطاول العديد من المواقع الإلكترونية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى