النظام الجزائري يمهد لوضع “رجل السلطة” عبد الكريم بن مبارك على رأس حزب جبهة التحرير

الدار- تحليل
بعدما كان مقررا عقده الصيف الماضي، تشير ترتيبات المؤتمر الحادي عشر لحزب جبهة التحرير الجزائرية، إلى قلب الطاولة على القيادة الحالية، وذلك بعد ظهور مفاجئ لجناح حقق خطوات متقدمة في طريق سحب البساط من الأمين العام الحالي أبوالفضل بعجي.
المؤتمر، الذي سيعقد خلال الأيام المقبلة، سيمهد لميلاد قيادة جديدة حتى ولو كانت بكوادر من الصف الثاني يتزعمهم عبدالكريم بن مبارك، “مرشح الكواليس”، للفوز بمنصب الأمين العام لجبهة التحرير الوطني خلال الخمس سنوات القادمة.
ورغم عدم الإفصاح عن أسباب تأجيل مؤتمر حزب “جبهة التحرير الجزائرية”، الذي كان مقررا عقده الصيف الماضي، فان كل المؤشرات تذهب الى أن السبب يعزى الى علاقات مضطربة مع السلطات في البلاد، رغم إصرار أبو الفضل بعجي، الأمين العام للحزب على التأكيد على أن ” التأجيل يعزى الى الرغبة في المزيد من الضبط في ما يخص الاستعدادات والترتيبات الفنية واللوجستية”، خاصة بعد ورود تقارير تزعم أن السبب يعود إلى مماطلة السلطات في منح الترخيص الإداري بعقد المؤتمر لعدم رضاها على القيادة الحالية للحزب.
الاستعدادات لانعقاد مؤتمر “جبهة التحرير الوطني”، الحزب السابق للرئيس عبد المجيد تبون، يأتي في خضم توثر العلاقات مع الرئيس عبد المجيد تبون، الذي سبق وأن أكد، في خرجة إعلامية أبريل المنصرم، أنه ” سيعتمد في مشروعه السياسي على فعاليات المجتمع المدني والقوى الحية في المجتمع”، على حساب الأحزاب، مبرزا أن ” حزبه السابق لم يدعمه في الانتخابات الرئاسية”، في إشارة إلى دعم الحزب حينهما للمرشح عزالدين ميهوبي.
كما أن من علامات توثر العلاقات بين حزب “جبهة التحرير الوطني”، والممسكين بالسلطة في الجزائر، وعلى رأسهم الرئيس عبد المجيد تبون، هو فقدان الحزب حقيبتين وزارتين، رغم كونه الفائز بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان، وذلك خلال التعديل الحكومي الأخير الذي أعلن عنه الرئيس الجزائري في مارس 2023.
سحب البساط من الأمين العام الحالي أبوالفضل بعجي، والتمهيد لميلاد قيادة جديدة حتى ولو كانت بكوادر من الصف الثاني يتزعمهم عبدالكريم بن مبارك، “مرشح الكواليس” للفوز بمنصب الأمين العام لجبهة التحرير الوطني خلال الخمس سنوات القادمة، ليس بالجديد في المشهد السياسي في الجزائر، حيث يتم التحكم في الأحزاب السياسية، ودعم قيادات حزبية ضد أخرى، اذ يبدو أن أنصار بعجي، فهموا أن المرشح لقيادة الحزب في الخمس سنوات المقبلة، يحظى على ما يبدو بدعم دوائر في السلطة، تريد التخلص من تركة العهد السابق في حزب الأغلبية الذي يشكل الوعاء الانتخابي الأول لاستحقاقاتها.
لذلك، فالنظام الجزائري، يبحث عن بديل جديد للقيادة الحالية يكون متماهيا مع اختياراتها، و أجنداتها بشكل مطلق لتزكيته على رأس التنظيم السياسي المعروف بولائه للإدارة الجزائرية، خلال المؤتمر المقبل، الذي سيرشح بما ولد في اطاره.
ما يزكي هذا الطرح، هو أن البرلماني السابق والمنتخب المحلي بمجلس العاصمة عبدالكريم بن مبارك، بدأ مبكرا في تنفيذ املاءات السلطة، حتى قبل انتخابه، حيث يمهد لاجتثاث فلول العهد السابق، وتعبئة الحزب لصالح السلطة القائمة بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون، وهو ما ظهر في تصريحات مقتضبة لبن مبارك الذي لم يتوان في توجيه تهم الجهوية والفساد وخدمة الأغراض الشخصية، وعرقلة ما أسماه بـ”جهود رئيس الجمهورية في تنفيذ الإصلاحات الشاملة في البلاد”.
ويتوقع مراقبون للمشهد السياسي في الجزائر، أن يتم انتخاب عبدالكريم بن مبارك، على رأس حزب “جبهة التحرير الوطني”، لكونه رجل المرحلة الذي يعول عليه النظام، والرئيس عبد المجيد تبون، لتصريف سياسات السلطة، وبالتالي سيكون أداته في تطويع الجبهة لخدمة أجندة السلطة، لاسيما الانتخابات الرئاسية المنتظرة نهاية العام القادم.
وجاهة هذه التوقعات نابعة من كون تأجيل موعد المؤتمر على مرتين، زيادة عن تأخره لثلاث سنوات كاملة، قد تجلى من خلال عدم تجديد دوائر القرار الثقة في الأمين العام الحالي، والدفع بمرشح جديد، الأمر الذي يوحي بأن السلطة التي ظلت تعتبر جبهة التحرير الوطني ذراعها السياسية، تريد طبعة جديدة موثوقا في توجهاتها وعقيدتها السياسية والانتخابية، ولا مكان فيها لأي شكوك قد لا تتوافق مع أجندتها، كما حدث خلال الانتخابات الرئاسية المنتظمة نهاية العام 2019، لما ساند الحزب حينها مرشح التجمع الوطني الديمقراطي عزالدين ميهوبي، وليس عبدالمجيد تبون، الذي ينحدر أصلا من صفوفه.