أخبار الدار بلوس

مناورات الأسد الإفريقي.. 20 عاما من الخبرات المتراكمة

الدار/ تحليل

مناورات الأسد الإفريقي التي انطلقت يوم أمس الاثنين في دورتها العشرين تؤكد استمرار الدينامية الاحترافية في تداريب القوات المسلحة الملكية، وتعزيز العلاقات الجيوستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة الأميركية. هذه المناورات التي ستستمر حتّى نهاية الشهر الجاري تشهد هذا العام رقماً قياسياً جديداً في عدد الدول المشاركة التي وصلت إلى 20 دولة، وعدد العناصر العسكرية التي وصلت إلى 7000 عنصر علاوة على مشاركة منظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو”، والجيش الأميركي. وتمثل الجيوش المشاركة في هذه الدورة أكثر المؤسسات العسكرية تطورا واحترافية في العالم، وهذا يعني أنّ زخم الخبرة والتأهيل الذي تستفيد منه قواتنا المسلحة الملكية سيتواصل.
كما أن التمرينات العسكرية التي ستشملها المناورات هذا العام تُظهر بالملموس المراحل المتقدمة جدا في تكوين هذه الجيوش، والمستوى الريادي الذي وصلت إليه. يتعلق الأمر بتدريبات تكتيكية برية وبحرية وجوية مشتركة، ليلا ونهارا، وتمرين للقوات الخاصة، وعمليات للقوات المحمولة جوا، فضلا عن تمرين للتخطيط العملياتي لفائدة أطر هيئات الأركان بـ “فريق العمل” (Task Force). من الضروري أن نشير إلى أن هذه التمرينات تمثّل أحدث مداخل التكوين العسكري الرائدة اليوم في العالم، وهي التي تحرص عليها الجيوش المتقدمة والاحترافية التي تعتمد على قدرات بشرية قارّة وثابتة، مع الاستعانة بالعتاد العسكري المتطور.
كما يتضمن برنامج الدورة الـ 20 تكوينات أكاديمية استعدادا للتمرين، والتدريب على مكافحة أسلحة الدمار الشامل، إلى جانب مجموعة من الخدمات الطبية والجراحية والاجتماعية. وحسب بلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، يعد تمرين “الأسد الإفريقي 2024″، من خلال إسهامه في تعزيز قابلية التشغيل المشترك العملياتي، والتقني والإجرائي بين الجيوش المشاركة، أكبر مناورة تُجرى في إفريقيا، وملتقى هاما تتبادل فيه الأطر العسكرية المعلومات والإجراءات والخبرات، ولا سيّما في مجالَي التكوين والتدريب المشترك. وهذا المكسب يمثل أهمّ عامل محفّز للحرص على استمرار هذه المناورات سنويا في المغرب. فاحتكاك القوات المسلحة الملكية بفرق عسكرية قادمة من الولايات المتحدة الأميركية ودول غربية أخرى فرصة حقيقية لا يمكن الاستهانة بنتائجها على المدى المتوسط والطويل.
لقد استفادت القوات المسلحة الملكية على مدار أكثر من 20 عاما من هذه الفرصة استفادة فعلية وميدانية جعلتها قادرة على مواكبة أحدث التطورات الحاصلة في هذا الميدان، بعيدا عن الاستعراضات العسكرية الدعائية وتمارين المفرقعات الشهرية التي تحرص عليها بعض الجيوش في المنطقة لانتزاع هيبة مفقودة. ما لا يفهمه الكثيرون في ميدان التطوير العسكري أنّ الدروس الثمينة المتعلقة بالخطط العسكرية واستخدام الأسلحة النوعية والتمكّن من إدارة العمليات الهادفة والموجّهة لا يمكن استخلاصها من التجارب الميدانية للجيوش بعيدا عن الاحتكاك والتفاعل مع جيوش أخرى. ومن هنا فإنّ الدور الذي لعبته العلاقات المغربية الأميركية في تعزيز هذا الجانب لدى قواتنا المسلحة الملكية يمثل ميزة ثمينة في عالم المنافسة العسكرية في العالم.
قطعت مناورات الأسد الإفريقي عقدين من الزمن منذ أول دورة لها في سنة 2007، ومعها تبدو الحصيلة الميدانية والتقنية التي حقّقتها القوات المسلحة الملكية ظاهرة للعيان، بعد أن وصلت إلى مستويات متقدمة من التداريب والتكتيكات، والقدرة على التعامل مع حالات الطوارئ مثل استخدام أسلحة الدمار الشامل أو الحالات الإنسانية الاستثنائية أو الظواهر الأمنية الشاذة التي تهدّد الاستقرار. وطوال هذه الفترة اتّضح أيضا أن التعاون العسكري بين المغرب والولايات المتحدة الأميركية يزداد متانة وفعالية، بعد أن تحوّل هذا الموعد العسكري السنوي إلى حدث كبير تلتزم بالمشاركة فيه العديد من دول العالم، بينما يتزايد الإقبال عليه دورة بعد أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى