أخبار الدار بلوس

الإعلام الجزائري.. مدرسة المدلّسين

الدار/ تحليل

الانحطاط الذي وصل إليه الإعلام الجزائري بلغ مستويات غير مسبوقة من الضحالة والإسفاف والاندحار في ميدان ممارسة مهنة الصحافة والإعلام، واستحق بامتياز جائزة النذالة للإعلام الكابراني. لن نتحدث هنا عن الفظاعات التي تُقترف يوميا في مختلف المنابر الإعلامية “الخاصة”، ولا سيّما تلك المتخصصة في مجال الرياضة، فهذه كارثة تعوّدنا عليها واستطعنا أن نحولها إلى مورد سخرية وتهكم وكوميديا سوداء لا تنتهي. لكن أن تسقط الإذاعة الوطنية الرسمية الجزائرية في هذا المستنقع وتستغل خبرا مكذوبا حول علاقة وهمية بين وزيرة الطاقة ليلى بنعلي ورجل أعمال أسترالي فهذه خسّة لا يقدر عليها إلا إعلام المخابرات الجزائرية.

متى كانت وسائل الإعلام الرسمية التي تعبر عن الخط الرسمي للحكومات والدول تتهافت على هذه النوعية الرخيصة من الممارسة الإعلامية؟ هل طالَع القارئ أو المستمع أو المشاهد الجزائري يوما مادة إعلامية في الإذاعات الوطنية والقنوات التلفزيونية المغربية تتطرق إلى انحرافات النظام الجزائري وزلّاته التي لا حدود لها؟ الترفّع والمهنية التي يتميز بها إعلامنا الوطني الرسمي نموذج يُحتذى به ومثال يُدرّس حول الحياد والمهنية والنزاهة. من المستحيل أن تجد مادة إعلامية إذاعية أو تلفزيونية مغربية تتحدث عن الجزائر أو النظام الجزائري بهذا الأسلوب الذي تستخدمه الإذاعة الجزائرية. هذا يعني أننا نقف بين دولتين لا تمارسان الحق الإعلامي بالأدوات والأساليب نفسها.

شتّان بين الانحطاط والكذب والافتراء دون بينة وتحقق وبين العمل المهني القائم على التثبت والموثوقية والمصداقية. في السياق نفسه يروّج الإعلام الجزائري مثالا آخر للكذب عندما زعم أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم يعتزم تأجيل منافسات كأس إفريقيا المقررة في صيف سنة 2025 بالمغرب حتى بداية العام 2026. لا تتورّع ماكينة الكذب عن اختراع القرارات والاجتماعات السرية والمؤامرات فقط من أجل الإساءة للمغرب وضرب صورته وسمعته. يحلم نظام الكابرانات بفشل المغرب في تجهيز الملاعب والبنيات التحتية الضرورية قبل الموعد المقرر ثم يحاول تحويل هذا الهذيان إلى واقع وحقيقة بإطلاق أخبار ومزاعم لا أساس لها من الصحة. التدليس أصبح ممارسة شبه يومية لهذا الإعلام الذي يعبر ببساطة عن الهزيمة والفشل في مقارعة المغرب.

وزيرة الطاقة كذّبت الخبر الذي طالها وكشفت أنها تحتفظ بالحق في متابعة مروجي هذا الادعاء، كما أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم كذب خبر تأجيل كأس إفريقيا عن موعدها المقرر وأكد أنها لن تخرج عنه. سيحصل المغرب على عقود الشراكة الطاقية مع أستراليا وشركاتها العملاقة، وستنظم بلادنا البطولة الإفريقية في موعدها وستكون ملاعبنا وبنياتنا التنظيمية جاهزة في موعدها، وسيحصد إعلام العار الجزائري المزيد من الكمد والغيظ ومرارة الفشل في إقناع القريب والبعيد أن الجزائر دولة تستحق تنظيم بطولات رياضية كبرى غير بطولات الطوابير. وهذه هي حقيقة هذه الجرائم الإعلامية وسببها الرئيسي. إنه الحقد التاريخي والأزلي على نجاح المملكة وفشل النظام العسكري.

أخيرا وليس آخراً، يجب أن يتذكر صانع المحتوى والخبر في الإذاعة الجزائرية بعد هذه السقطة، أن تلك المؤسسة المدنّسة اليوم تأسست قبل عقود من الزمن في ضيافة المغرب، واحتضنتها مدن الناضور وطنجة عندما كانت موئلاً لعناصر جبهة التحرير الوطني في مواجهة الاستعمار الفرنسي. وعليه أن يتذكر أن أول تجهيزات وميكروفونات هذه الإذاعة الجزائرية التي تتجرأ اليوم بهذه الوقاحة على المغرب، كانت هدية من المملكة المغربية دعما لحرب التحرير في الجزائر إبان حكم الملك محمد الخامس. وأن بلادنا عندما ساهمت في تأسيس الإذاعة الجزائرية فقد فعلت ذلك من باب الواجب الوطني والقومي، ولعلّ متأمّل هذه المفارقة يتذكر قول الشاعر:
أعلِّمُه الرمايةّ كلّ يومٍ… فلمّا اشتدّ ساعدُه رماني

والأشد إثارة للاستغراب أننا لم نعلمهم هذا الابتذال لكنهم أصروا على بناء مدرسة المدلّسين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى