ملاكم أم ملاكم؟ فضائح الكابرانات في الألعاب العربية لا تنتهي

الدار/ عبد الحميد العلوي
لا يمكن أن نمل من متابعة نوادرهم أو نكلّ عن تقصي أخبار غرائبهم، هكذا هم الجزائريون يغدقون علينا كل يوم بقصص وحكايات لا ينتهي تشويقها ولا تتوقف تسليتها. آخر هذه الحكايات المسلية خبر فوز “الملاكمة” الجزائرية إيمان خليف بالميدالية الذهبية في بطولة الألعاب العربية المقامة هذه الأيام في بلاد الكابرانات، وهي الملاكمة نفسها التي سبق أن استبعدها الاتحاد الدولي للملاكمة عن المشاركة في بطولة العالم التي أجريت في مارس الماضي في الهند. وبين مارس ويوليوز، وبين الهند والجزائر عادت هذه “الملاكمة” مرة أخرى لقنص الألقاب والفوز على الملاكمات العربيات.
وما يثير الضحك في خبر فوز “الملاكمة” اليوم هو الاحتفاء الذي خصصته له وسائل الإعلام الجزائرية الرسمية في الوقت الذي تعلم فيه أن إقصاء هذه الملاكمة من البطولة السابقة كان بسبب “انعدام معايير الأهلية” التي تتمثل أساسا في ارتفاع معدل هرمون الذكورة “التستوسترون” لديها. ربما يكون هذا المعدل قد انخفض بعض الشيء أو تماما هذا الشهر حتى تتمكن البطلة إيمان خليف من المشاركة في البطولة العربية ومن ثمة الفوز بهذا اللقب. لكن طبعا هذا لا يمكن أن يحدث إلا في بلاد الكابرانات. وخاصة عندما تكون هذه البلاد هي المستضيفة أصلا للألعاب العربية في شتى المجالات الرياضية.
ولأن هذه الألعاب تبقى خارج التصنيف الأولمبي ولم تحظ بعد بأي اعتراف رسمي دولي، فمن المؤكد أن “معايير الأهلية” التي سبق أن كانت وراء إقصاء هذه “الملاكمة” من المشاركة في بطولة العالم في مارس الماضي، لا مجال لإثارتها اليوم في هذه الألعاب العربية، التي يعتبرها الكابرانات إنجازا تنظيميا، علما أن جل المشاركات في جل المسابقات مقتصرة على الرياضيين الجزائريين فقط. ومن الواضح أيضا أن الإصرار على تصدير فوز إيمان خليف بلقب الألعاب العربية في صنف الملاكمة يمثل جزء من هذه العقلية النادرة والخاصة التي يتمتع بها الكابرانات عموما والمشرفون على الرياضة خصوصا في هذا البلد.
فهم لا ينظمون هذه الألعاب على ما يبدو من أجل الغايات الأولمبية السامية الهادفة إلى تقريب وجهات النظر وتحقيق التآلف بين الشعوب وتعزيز الروابط العربية وغير ذلك، بل تظل الغاية الأساسية الطاغية على ذلك هي بعث رسائل سياسية والدخول في حالة منافسة مع الآخرين ومحاولة استثمار الانتصارات التي يتم تحقيقها من أجل ترويج خطابات دعائية لا أقل ولا أكثر. ويتجاوز منطق الكابرانات أحيانا الرؤية الواقعية عندما ينسى أن الألعاب العربية مهما كانت لها من أهمية فإنها تظل تمثل مستوى من المنافسة الرياضية الهاوية التي لا يمكن بتاتا مقارنتها بالمنافسات القارية، الإفريقية، أو الدولية العالمية. فوز إيمان خليف بالميدالية الذهبية في الألعاب العربية، وإن كان مشكوكا في أهليتها، لا يقارن أبدا باللقب الذي حققته الملاكمة المغربية المتميزة خديجة المرضي التي تعتبر أول ملاكمة عربية وإفريقية تحرز لقبا من هذا المستوى.
ولعلّ الإصرار على إقحام “الملاكمة” إيمان خليف في هذه المسابقة العربية من أجل انتزاع ميدالية ذهبية سيمثل وصمة تشكيك في مدى نزاهة الإجراءات التنظيمية التي خضعت لها هذه البطولة، إذ لا أحد يمكن أن يثبت إن كان المشاركون أصلا في هذه البطولة قد خضعوا لاختبارات الأهلية التي ينص عليها الاتحاد الدولي للملاكمة. لكنه الجنون الكابراني، الذي لا حدود له، ولا يمكن أبدا تصور الآفاق التي يمكن أن يصل إليها، يحوّل كل ما يقوم به إما إلى حملات دعائية مغرضة أو إلى فضائح تنظيمية حقيقية. ومتى نظم الكابرانات بطولة رياضية دون أن يدهشونا فيها بقفشاتهم؟