طلحة جبريل : المستقبل للصحيفة الهجينة والشباب يبحثون عن الجدية

الدار : خاص
أكد الكاتب والصحافي طلحة جبريل أن المستقبل للصحيفة الهجينة التي تجمع بين الورقي والرقمي، مشيرا، في حوار له مع صحيفة “عكاظ” السعودية، أنه يكتب في الصحف الورقية وكذلك الإلكترونية، ويحاضر يومياً في عدد من الشبكات الاجتماعية، ولاحظ أن الشباب يقبل على هذه الشبكات حتى أصبحت قوة فاعلة ومؤثرة.
وتابع طلحة جبريل قائلا “عندما أكتب في بعض الأمور، حتى لو كانت مشاهدات أو أخباراً موثقة، يصل عدد القراء إلى مئات الآلاف بل حتى إلى مليون، ومن يشكك في ذلك على استعداد أن أرسل له نسخاً مصورة. إذن الشباب يبحثون عن الجدية بغض النظر عن الحامل سواء كان ورقياً أو إلكترونياً”.
وحول ما إذا كان وسائل التواصل الاجتماعي والوسائط قد حلت محل الورق، فأكد جبريل أن “المشكلة هي ارتفاع تكلفة الصحيفة الورقية، وأن المثال الذي يفند حكاية اندثار الصحافة الورقية هو نموذج «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز».
وحول نسبة الموضوعية في “صحافة تأكل أبناءها” وهل كان ردة فعل ذاتية، أفاد جبريل أن هذا الكتاب كان سرداً لوقائع وحقائق، ونفد من السوق في فترة وجيزة، مضيفا بالقول “إلى الآن لم أقرأ أو سمع من قال إنني اختلقت، وفي الواقع تعلمت من هذه المهنة أن الاختلاق والكذب تدمير شامل للصحافي، أياً كان اسمه أو تجربته”.
وقد تحدث جبريل بشكل مقتضب في بداية الحوار، عن بداية مساره وكيف قدم من قرية (درب القرونة) في ولاية (مروي) الشمالية، في جمهورية السودان الشقيقية، إلى المغرب حيث يستقر.
ويحكي جبريل كيف أن طموحه عندما وصل الجامعة أن يعمل أستاذاً في المدارس الثانوية، لكن كان قدره أن يكون صحفيا وكاتبا ومحاضرا في أرقى الجامعات.
وحول اختياره المغرب كوجهة أولى، قال جبريل في الحوار المذكور “كانت صدفة، حصلت على الشهادة الثانوية (البكالوريا) من منازلهم، أي لم أكن أدرس في مدرسة نظامية، وقيل لي يومها في وزارة التعليم العالي مستوى شهادتك يؤهلك للدراسة في مصر أو العراق أو تركيا أو المغرب، ودون تردد اخترت المغرب لأنه البلد الأبعد، وكنا عرفنا عنه معلومات جغرافيا محدودة جداً، وبضعة أسطر عن تاريخه”.
وتحدث جبريل كيف أنه تأثر كثيرا بالعقلانية والفكر والفلسفة المغربية، والفضل في ذلك يعود إلى أساتذته في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ومنهم عبدالله العروي، ومحمد عابد الجابري، وطه عبدالرحمن، ومبارك ربيع، ومحمد إبراهيم بوعلو، ونبيل الشهابي، ورشدي فكار، وعبدالرزاق الدواي، والطاهر وعزيز.
واعتبر طلحة جبريل أن أجمل ما احتفظ به من تجربته في صحيفة الشرق الأوسط، حواراته مع 29 رئيس دولة، وعلى رأسهم العاهل المغربي الملك الحسن الثاني، ومن بينهم باراك أوباما، ونيلسون مانديلا، وليش فاليسا، فضلا عن تغطيته لأهم “الحروب والنزاعات في أفريقيا، من أرتريا والصومال شرقاً حتى ليبريا وسيراليون غربا”.
وفي جوابه على سؤال يتعلق بمتى ابتسم له الحظ، ومتى عبس له، قال “ابتسم لي الحظ لأنني عشت عزيزاً مكرماً مقدراً في المغرب، ومنه ينحدر أبنائي، وكنت محظوظاً لأنني الصحافي الوحيد الذي أصبح رئيساً لتحرير خمس صحف في بلد ليس بلده، وهي أيضاً تجربة أخرى كانت في هذا المغرب الرائع”.
وأضاف قائلا “لم يعبس لي الحظ، ولكن منذ أن غادرت الخرطوم متوجهاً نحو الرباط للدراسة، كان لسوء حظ أن يعيش وطني ثلاث تجارب شمولية، ومناهضتي للأنظمة الشمولية جعلتني بعيداً عن وطني ودفء الحياة وسط الأهل والعشيرة”.
ولا يرى جبريل أن الصحافة مهنة متاعب، بل قال إنه ” لم يحدث أن قال قط بهذه المفردة، بل يرى الصحافة هي مهنة «متعة»، على الرغم من كل متاعبها ومخاطرها.
وبخصوص كتابيه عن الطيب صالح ومحمد شكري، مما لم تذكره في الكتابين، أكد طلحة جبريل أن كتاب «على الدرب مع الطيب صالح» تكريماً لي قبل كل شيء، موضحا أن الطيب صالح قال له ما لم يقله لأي أحد، واختاره ليروي سيرته الذاتية لكونه «صحافي موهوب» -على حد تعبيره- وذلك ما كتبه حرفياً.
أما بخصوص محمد شكري، فقال “يكفيني أيضاً أنه اختارني ليسرد لي حياة تفاصيل حياة استثنائية. الطيب صالح كان حريصاً ألا يقول كلاماً سلبياً عن أي أحد، لذلك طلب مني حذف بعض الفقرات، وذلك ينسجم مع شخصيته، إذ الطيب إنسان جميل ظل جميلاً حتى غادر دنيا الناس هذه. محمد شكري قال لي كل شيء وكانت كلمته الأخيرة لي «انشر كل شيء.. وما يهمني العالم» هكذا حرفياً”.
وبخصوص حظوظ المثقف العربي، فاعتبر جبريل أن النخبة المثقفة لم تنل حقها من اتقدير ولم تلعب الدور المنوط بها، مبرزا أن مفكرين ومثقفين في المنطقة كانوا يتقدمون الصفوف في الدعوة للتحولات الاجتماعية، لكن شرائح كثيرة من بينهم انشغلوا عن قضايا التغيير الاجتماعي بقضية الوضع الاجتماعي لكل منهم.