سير.. سير.. بهذه المقومات سيصنع أسود الأطلس ملحمة تاريخية أمام بلجيكا
الدار/ تحليل
بعد خسارة المنتخب التونسي أمام أستراليا بهدف لصفر، تتعلّق آمال الشعوب المغاربية وشمال إفريقيا بالمنتخب المغربي الذي سيواجه يوم غد نظيره البلجيكي في مباراة للتاريخ. كل المقومات الرياضية والفنية والنفسية متوفرة من أجل خوض مباراة تاريخية يسطع فيها نجم أسود الأطلس ويعود فيها المنتخب الوطني إلى إعادة إنتاج أمجاد مكسيكو 1986. المشهد لا يختلف كثيرا عن تلك المرحلة. فقد نجح المنتخب في أولى مبارياته في شلّ حركة وصيف بطل العالم، المنتخب الكرواتي، أحد أكثر المنتخبات الأوربية قوة وغنى بالنجوم الكروية. ما حققه أشبال وليد الركراكي في المباراة الأولى لم يكن إنجازا عابرا، فمواجهة كرواتيا كانت من بين أصعب المباريات التي خاضها المنتخب المغربي على مرّ تاريخ مشاركاته في كأس العالم.
واليوم تتعاظم الآمال من أجل تحقيق نصر تاريخي في مباراة الغد ضد بلجيكا. تتوفر النخبة الوطنية على مدرب شاب وطموح، وذو خبرة محترمة في المواجهات الدولية، والأهم من كل هذا وذاك، أنه مدرب قريب من اللاعبين إنسانيا ونفسيا ووجدانيا. يكفي أن نتأمل طريقة دفاعه الشرسة عن اللاعب عبد الصمد الزلزولي بعد كل ما تعرّض له من انتقادات وتنمّر في شبكات التواصل الاجتماعي بسبب أدائه خلال مباراة كرواتيا. الركراكي مدرب بعقلية احترافية راقية لا يريد أن يفوّت هذه النقطة دون أن يسجل هدفا ضد روح التيئيس والتشاؤم والقتل المعنوي التي تمارسها بعض العقليات النشطة خلال المنافسات التي يشارك فيها المنتخب الوطني لكرة القدم.
إلى جانب المعطى المتعلق بحنكة وليد الركراكي، هناك نقطة أخرى إيجابية ستلعب لصالح المنتخب الوطني. هذه النقطة هي المتعلقة بالمعرفة العميقة للمغرب واللاعبين المغاربة بكرة القدم البلجيكية. فليست هذه هي المرة الأولى التي ستواجه فيها النخبة المغربية نظريتها البلجيكية. لقد كانت مواجهة 1994 آخر مواجهة رسمية في كأس العالم بين المغرب وبلجيكا، وعلى الرغم من أن منتخبنا الوطني خسر تلك المباراة، لكننا نتذكر جيدا الأداء المميز لأسود الأطلس حينها. لكن تاريخ المواجهات بين المنتخبين لم يعرف فقط تحقيق انتصارات بلجيكية، ففي المواجهات الودية سبق لمنتخبنا الوطني أن انتصر على المنتخب البلجيكي في عقر داره وأمام جمهوره، بحصة عريضة. وإضافة إلى هذه المعرفة التاريخية، فإن المنتخب الوطني يضم بين صفوفه لاعبين يمارسون بالدوري البلجيكي بل إن بعضهم كان محطّ أطماع الناخب البلجيكي على غرار اللاعب أنس الزروري الذي تم استقدامه في آخر لحظة.
هذا يعني أن لاعبي المنتخب الوطني الذين تعوّدوا بدورهم على الممارسة بمستويات احترافية عالية، من قبيل زياش وحكيمي وأكرد، لن يقفوا أمام رفقاء دوبروين وقفة هواة أو معجبين، بقدر ما سيقفون أمامهم كخصوم وأنداد قادرين على المنافسة حتى الانتصار. وهنا سيكون للمعطى الثالث دور حاسم في نتيجة هذه المقابلة، وفي إمكانات المنتخب الوطني وقدرته على خوض ملحمة كروية تاريخية. هذا المعطى يتعلق بهذه الروح الوطنية العالية التي تجتاح الجميع، لاعبين وطاقما تقنيا ومدربا وجمهورا ومشاهدين. لم يتوحّد المغاربة حول منتخبهم الوطني مثلما يفعلون اليوم. الإرادة الجماعية التي يلخصّها الناخب الوطني بمقولته الشهير “سير سير” هي التي تسكن اليوم قلوب الجميع وتبشر بانتصار أو نتيجة إيجابية على الأقل في مواجهة المنتخب البلجيكي.
فإذا كان أسود الأطلس قد نجحوا بسهولة خلال المباراة الافتتاحية في تعطيل الماكينة الكرواتية، فإن التصدي لطموحات المنتخب البلجيكي، الذي فاز بصعوبة على كندا بهدف يتيم، ليس أمرا مستحيلا بقدر ما هو رهان في المتناول. يحتاج المنتخب الوطني منّا إذن في مثل هذه اللحظات التاريخية أن نغمره بالثقة الكاملة، وأن ندعمه دعما لا مشروطا من أجل بلوغ الغاية الأسمى وهي تحقيق الفوز ثم التأهيل لاحقا إلى الدور الثاني. وهنا يأتي المعطى الرابع الذي يعتبر عاملا من العوامل التي ستمنح التفوق للمنتخب على أرضية الملعب. إنه اللاعب رقم 12، فالجمهور المغربي الذي يجتاح ملاعب قطر، وسيجتاح غدا ملعب الثمامة، يشكل نقطة تفوق فارقة تلعب لصالح النخبة الوطنية، بما يمتلكه هذا الجمهور من حماس وخبرة في التشجيع ومثابرة وإصرار على شحن اللاعبين وتحفيزهم. غدا في الثانية زوالا سيكون المغاربة إذن على موعد مع التاريخ، وسيتابعون بكل ثقة أسود الأطلس وهم يكتبون ملحمة جديدة من ملاحم كرة القدم الوطنية.