رياضة

شعار مرعب للكابرانات.. علمنا أحمر كالدماء في السماء

زار فريق شبيبة القبائل المغرب في الأيام القليلة الماضية من أجل المشاركة في آخر مباريات الدور الأول من عصبة الأبطال الإفريقية أمام فريق الوداد البيضاوي. وخسر الفريق الجزائري مباراته أمام الفريق البيضاوي بثلاثة أهداف لصفر. لا تهمنا اليوم نتيجة المباراة ولا تفاصيلها التقنية والكروية، ما يهمنا بالأساس من هذه المواجهة هو ذلك الدرس البليغ الذي تلقاه الكابرانات بشهادة لاعبي فريق شبيبة القبائل وهم يرون علم بلادهم يرتفع ويرفرف في سماء مركب محمد الخامس دون أي عقدة نقص، ويشهدون بأم أعينهم تفاصيل كرم الضيافة وحسن الاستقبال بعيدا عن أي تشنج أو توظيف سياسي.

لم يُحرم لاعبو وأطر فريق شبيبة القبائل من معدات التصوير الخاصة بهم عندما حلوا بمطار الدار البيضاء، مثلما حدث مع وفد فريق الوداد البيضاوي عندما حلّ يوم 16 فبراير الماضي ضيفا على الفريق القبائلي بمطار الجزائر. حينها لم تتردد السلطات الأمنية الجزائرية بكل وقاحة في تجريد الطاقم الإعلامي الخاص بالوداد من معدات التصوير الخاصة به، التي كانت مخصصة أصلا لتغطية الرحلة ومختلف أنشطتها الرياضية لا أقل ولا أكثر. الدرس الأول الذي تلقاه الكابرانات مجددا هو أن حروبهم الصغيرة لا تهم السلطات المغربية في شيء، وأن عدم المعاملة بالمثل ثابت من ثوابت المغرب لا يمكن أبدا أن يتراجع عنه بسبب استفزازات هذا النظام.

الدرس الثاني هو أننا في المغرب ليست لدينا أيّ عقدة مع احترام رموز ومقدسات البلدان الشقيقة والصديقة، وحتّى التي لا تجمعنا بها أيّ رابطة. عندما غاب علم المغرب في ملعب 5 جويليه في مباراة الذهاب، واحتج فريق الوداد البيضاوي على ذلك، فضّلت السلطات الجزائرية إنزال العلم الجزائري والتضحية به، على أن ترفع علم المغرب على الأرض الجزائرية. المهم أن احتجاج الوداد على الأقل انتزع هذا المكسب وتم تنكيس وإنزال العلم الجزائري بأيدي أبنائه. لكن الصورة التي تابعها الجمهور الرياضي بالأمس في ملعب مركب محمد الخامس كانت غاية في التحضر والرقي، عندما ظهر العلم المغربي والجزائري معا يرفرفان وإلى جانبهما علم الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم.

الدرس الثالث هو الذي تكفّل به جمهور الوداد البيضاوي. فالشعار البهي: “أحمر كالدماء.. علمنا في السماء” الذي ظهر على الـ”تيفو” المبدع الذي تم رفعه في بداية المباراة كان رسالة مزلزلة ومرعبة للكابرانات الذين اعتقدوا أن حركتهم البئيسة في مباراة الذهاب يمكن أن تنال من مكانة الراية الوطنية أو تسيء لها في شيء. هيهات نحن قادرون على احترام رموز الآخرين وأعلامهم والسماح برفعها في أراضينا حسبما يقتضيه البروتوكول والقوانين التنظيمية دون أي عقدة من ذلك، لكننا في الوقت نفسه لا يمكن أبدا أن نقبل أي محاولة أو مخادعة صبيانية كهذه التي يتقنها الحاقدون من الجنرالات. ومن يعتقد أن عدم رفع العلم المغربي في ملعب الجزائر كان مجرد سهو أو خطأ فهو واهم. لقد كان ذلك عملا مقصودا مثلما كان اجتزاء النشيد الوطني في إحدى المسابقات الرياضية السابقة عملا خبيثا ومقصودا أيضا.

وآخر درس تلقاه الكابرانات في أمسية السبت الرائعة هو أن العبرة ليست بالصراعات الصبيانية الصغيرة، وإنما بالعمل والنتائج. الهزيمة الكبيرة التي تلقاها نادي شبيبة القبائل، الذي نحيي بالمناسبة روحه الرياضية، كانت هي الرد الأمثل والجواب الأكمل على كل المهاترات التي أحاطت وتحيط باستمرار بالمباريات والمنافسات التي تجمع الأندية المغربية بنظيرتها الجزائرية. والفرق بين المستوى التقني للأندية الوطنية ونظيرتها الجزائرية أضحى اليوم معروفا للجميع، بعد أن تربّعت الفرق الوطنية منذ سنوات على قمة الإنجاز والتتويج الإفريقيين. ولهذا فإن أنديتنا الوطنية تعد الكابرانات بالمزيد من الدروس التي سترسلها في المستقبل القريب إما مع فريق شبيبة القبائل مرة أخرى أو مع فريق شباب بلوزداد في حال ما إذا قادتهما قرعة ربع نهائي كأس عصبة الأبطال الإفريقية إلى مواجهة مع الرجاء أو الوداد. سيرسل الفريقان البيضاويان وجماهيرهما العريضة والسلطات الرياضية في المغرب مجددا رسائل التحضّر والإنجاز والاحترام للإخوة الجزائريين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى