آمال الملايين تسند أسود الأطلس على مشارف المربّع الذهبي
الدار/ افتتاحية
تتجه كل الأنظار والقلوب اليوم إلى موعد انطلاق مباراة المنتخب المغربي ونظيره البرتغالي في حدود الساعة الرابعة بعد الزوال. المباراة التي سيخوضها أسود الأطلس تعدّ الأهم في تاريخ كرة القدم الوطنية التي لم يسبق لها بلوغ الدور ربع النهائي من كأس العالم. اليوم تفتح أمام الناخب وليد الركراكي وأشباله الفرصة لدخول التاريخ للمرة الثانية على التوالي بعد الإنجاز غير المسبوق الذي نجحوا في إهدائه للمغرب والمغاربة بالانتصار على المنتخب الإسباني في دور ثمن النهاية والصعود لأول مرة إلى دور الربع. كل المقومات متوفرة من أجل تحقيق هذا الهدف وإثبات جدارة الرياضة الوطنية وكرة القدم المغربية بما بلغته من مستويات متقدمة في سبورة المنتخبات العالمية.
وقد أعادت نتائج مباريات يوم أمس وعلى رأسها مباراة المنتخب الكرواتي أمام نظيره البرازيلي تأكيد أهمية هذا الإنجاز الكبير الذي حققه رفاق أشرف حكيمي. المنتخب الذي واجهه المغرب في أولى مبارياته واستطاع أن يعطّل آلته الهجومية بل ويهدد مرماه في أكثر من مناسبة هو الذي تمكّن بالأمس من إقصاء المنتخب البرازيلي أحد أكبر المنتخبات المرشحة للفوز بكأس العالم. هذه النتيجة لم تزد الجمهور المغربي إلا ثقة في إمكانيات أسود الأطلس وقدرتهم على تحقيق التأهيل للمربع الذهبي ودخول القائمة الضيقة لأفضل أربعة منتخبات في العالم. ولعلّ هذه الثقة تسري أيضا في نفسيات اللاعبين والطاقم التقني للمنتخب الوطني وهذا ما عبّر عنه وليد الركراكي مجددا بالأمس في ندوته الصحفية عندما أكد أن المنتخب لا يريد أن يكتفي بسقف التأهل إلى ربع النهاية.
دخول قائمة المربّع الذهبي إلى جانب الأرجنتين وكرواتيا، المنتخبان اللذان تأهلا بالأمس، لم يعد ضربا من الحلم أو الوهم كما كان في الماضي. لقد تبيّن من التجربة التي خاضها المنتخب الوطني تحت قيادة المدرّب المبدع وليد الركراكي أن الكثير من الفرص التي ضاعت في مناسبات كروية عالمية في الماضي إنما أُهدرت بسبب غياب وإهمال العامل النفسي والذهني الذي يبدو أنه يمثل نقطة قوة المدرّب السابق لنادي الوداد البيضاوي. ومن هنا فإن القرار الذي اتخذته رئاسة الجامعة الملكية لكرة القدم بإقالة المدرب السابق وحيد خليلوزيتش واستبداله بالإطار الوطني وليد الركراكي يمثل المفتاح الحقيقي للنجاح الذي تم حصده حتى الآن. ولن نبالغ إذا قلنا إن استمرار المدرب البوسني مع المنتخب الوطني وسفره معه إلى كأس العالم كان سيجعل من هذه المشاركة لا محالة مشاركة عادية كسابقاتها التي كانت تنتهي بالإقصاء من الدور الأول.
سرّ هذا النجاح إذن هو وجود هذا التناغم والانسجام غير المسبوق بين المدرّب واللاعبين. بين محترفين اعتادوا اللعب تحت إمرة مدربين من العيار الثقيل، بينما وجدوا أنفسهم اليوم في شراكة مع مدرّب لا يمتلك الخبرة التدريبية والتقنية المميزة فقط، بل ينسج معهم علاقة تواصل وقرب وإنصات لا محدودة. ما يظهر في تعامل الإطار الوطني وليد الركراكي مع الأسود خلال التداريب وأثناء المباريات يكشف عن أن هذا المنتخب لا يمكن أن يقف في وجهه أي حاجز أو عائق عندما تتملّكه هذه الإرادة الواضحة في الانتصار والفوز والدفاع عن القميص الوطني بكل تفانٍ وتضحية وعطاء.
لأجل ذلك سيكون المغاربة وكل العرب من جديد هذا اليوم على موعد مع التاريخ الذي سيصنعه عناصر النخبة الوطنية الجاهزة لمواجهة منتخب البرتغال، الذي أظهرت مبارياته السابقة، وخصوصا في الدور الأول أنه منتخب من السّهل جدا أن يتلقى مرماه هدفا أو هدفين أو أكثر. منتخب انتصر بصعوبة أمام غانا وانهزم أمام كوريا وخطف انتصارا آخر أمام الأوروغواي. وحتى مع النتيجة الكاسحة التي حققها رفاق كريستيانو رونالدو أمام المنتخب السويسري فإننا واثقون من أن أسود الأطلس ليسوا لقمة سائغة كالتي ابتلعها البرتغاليون في دور ثمن النهاية.