رياضة

أسود الأطلس يدشنون العصر الذهبي للكرة العربية والإفريقية

الدار/ افتتاحية

لن تنسى إفريقيا والعالم العربي ما حدث اليوم في مباراة نصف النهائي برسم منافسات كأس العالم بقطر 2022. العاشر من دجنبر سيتحول إلى عيد من أعياد الكرة المغربية والإفريقية والعربية. لأول مرة في تاريخ الكرة الإفريقية يتمكن منتخب من منتخبات القارة السمراء من بلوغ دور نصف النهائي. ملعب الثمامة كان اليوم مسرحا لملحمة جديدة من الملاحم التي يدشّنها هذا المنتخب منذ انطلاق مشاركاته في هذه البطولة التي تقام لأول مرة على أرض عربية. ما أنجزه أشبال وليد الركراكي أسطوري بامتياز ليس فقط على مستوى النتيجة التي تم تحقيقها ولكن أيضا على مستوى الطريقة والأداء.

نحن نشهد اليوم لحظة تاريخية رسمت الأسطورة التي ستظل خالدة في الأذهان عن هذه النخبة المتميّزة التي تعيد، مقابلة بعد أخرى، رسم مستقبل الكرة الإفريقية والعربية. ستحكي الأجيال القادمة عن هذه المباراة وكأنها تسرد ملحمة من ملاحم الحضارات البائدة، وسيروي الشهود الذين تابعوا هذه البطولة عن هذا العطاء المذهل الذي قدّمه أسود الأطلس خلال كل مباريات كأس العالم حتى بلغوا مرحلة المربّع الذهبي. شريط المباراة التي خاضها المنتخب الوطني ضد المنتخب البرتغالي سيمثّل درسا كرويا لكل الفرق والمنتخبات العربية والإفريقية التي ستأخذها جذوة الحماس في المستقبل من أجل التنافس لبلوغ مراتب متقدمة وتحقيق إنجازات مشابهة.

أسود الأطلس لم ينجحوا فقط في بلوغ مجدهم الكروي الوطني فقط بل كسروا ذلك الحاجز النفسي التاريخي الذي لطالما حرم المنتخبات الإفريقيات والعربية من التّقدم في مشاركاتها خلال بطولات كأس العالم المختلفة. لقد كانت هذه المنتخبات تنظر باستمرار إلى مجرد التأهل لهذه البطولة على أنه إنجاز وشرف كبير، وأن هذه المشاركة وحدها تعتبر تشريفا كافيا لهذه الفرق التي كانت دائما تدخل إلى مبارياتها بمركّب نقص تجاه المنتخبات الكبرى الأوربية واللاتينية التي احتكرت لسنوات هذا المربّع الذي يضمّ الفرق المؤهّلة لنصف النهائي. هدم هذا الحاجز النفسي في حد ذاته سيسجّل للنخبة الوطنية وستصبح كل إنجازات الكرة العربية والإفريقية في المستقبل عالة على هذا الإنجاز.

لقد فتح المنتخب الوطني بهذا الانتصار الجديد العصر الذهبي للكرة العربية والإفريقية، علما أن هذا الفريق المتعطّش للمزيد لا ينوي التّوقف عند هذه المحطة على الرغم من أنها رقم قياسي جديد. من حقّنا اليوم كمغاربة وكعرب وكأفارقة أن نطمح إلى رؤية منتخبنا الوطني في مباراة النهاية ومواصلة المشوار إلى غاية 18 دجنبر الجاري. بل أصبح اليوم من حقّنا بل من واجبنا على غرار “مول النية” أن نطمح إلى الفوز بهذا الكأس باعتبار مناسبة المونديال المنظم في قطر مناسبة لن تتكرر من أجل تسجيل اسم المغرب في تاريخ الأمم الكروية العالمية. لقد أصبح حلم الفوز بكأس العالم على مسافة مباراتين، ولدى أسود الأطلس المزيد من الطاقة والحماس والطموح لبلوغ هذا الهدف.

ولأن أشبال وليد الركراكي يحملون قلوب الأسود وروح الوطن في وجدانهم فإن هذا الحلم الذي يقترب منّا شيئا فشيئا سيكون له ما بعده. كرة القدم الوطنية بعد هذه الانتصارات التاريخية لن تكون كما كانت في السابق قبل هذه الانتصارات. لقد أصبح بإمكاننا اليوم أن نبشّر بتثبيت الأسس الحقيقية لنهضة كروية لن تتوقف عند حدود هذا الإنجاز وستنعكس على المدى القريب والمتوسط بالضرورة على بنية رياضة كرة القدم في بلادنا وعلى السياسات العمومية المتّبعة في هذا المجال الواعد. لقد أسعدنا الأسود الذين أبكوا كريستيانو رونالدو وأدخلوا أملا عريضا في نفوس الملايين من المحيط إلى الخليج وحوّلوا مقولة “المستحيل ليس مغربيا” إلى واقع مشهود يتابعه العالم بأسره باندهاش واحترام كبيرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى