الغموض يلف اتفاق الجزائر بين الحكومة المالية و الحركات المسلحة و الرهان على دبلوماسية المغرب لحل الأزمة

الدار-خاص
بعد انصرام أزيد من سبعة أشهر دون أن يكون هناك أدنى اتصال بين السلطات المالية والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق الجزائر للسلام الموقع بين الطرفين الأخيرين عام 2015، لازال الوضع يراوح مكانه دون تسجيل أي تقدم يذكر.
في ظل هذا الوضع، تسعى الدبلوماسية المغربية إلى تفعيل الوساطة الإيجابية في الملف المالي، و بحث تدبير الأزمة بدولة؛ بالنظر إلى كون المغرب فاعل إقليمي مؤثر في حلحلة النزاعات بالمنطقة، وهو ما يعكس قوة المملكة المغربية ومكانتها في القارة الإفريقية في ظل السياسة الخارجية التي رسمها الملك محمد السادس.
وتحركت الدبلوماسية المغربية على مدار السنوات الماضي، لإنهاء الأزمة في مالي؛ حيث كانت بصمة الرباط حاضرة في الاضطرابات التي عرفها هذا البلد، دون ترجيح خيار التدخل العسكري أو فرض أجندات سياسية.
ويرتقب أن يشهد إقليم أزواد شمال مالي عدة تطورات،
بعد انسحاب بعثة “مينوسما” الأممية، غير أن المنتظم الدولي يعول على المغرب لأن جميع الأنظمة والشعوب تحترمه، باعتبار أن سياساته الخارجية لها ثوابت واضحة، وهي الدفاع عن السلم والأمن في العلاقات الدولية واحترام سيادة ووحدة أراضي جميع الدول وعدم الركون للحلول العسكرية.
وظل المغرب يسعى دائما الى تقريب وجهات النظر بين الماليين بسبب الضغط الكبير الذي يمارسه النظام الجزائري على القوى المالية وعلى أزواد بشكل كبير، إذ أن عددا كبيرا من الازواديين المقهورين المضطهدين يعيشون كرهائن لدى النظام الجزائري، لكن مع تورط النظام الجزائري في تسليح الجماعات الإرهابية أثناء وبعد ما يسمى بالعشرية السوداء بالجزائر، والتي كشفت عدد من الكتابات والشهادات التي عاصرت وشهدت العشرية السوداء على أن المخابرات الجزائرية هي من صنعت ودبرت الجماعات المسلحة، التي قتلت من الجزائريين ما لم تقتله فرنسا المستعمرة نفسها في الجزائر، وانتشرت الجماعات الإرهابية المسلحة في كل أرجاء الساحل الافريقي بتدبير جزائري واضح، والدليل على ذلك أن كل قيادات المنظمات الإرهابية بالساحل الإفريقي فهي تقطن الأراضي الجزائري وتحت حماية المخابرات الجزائرية.
كما يرسم انهيار محتمل لاتفاق السلام بين السلطة في مالي وحركات تمرد بينها تنسيقية الأزواد (الطوارق) ملامح إخفاق الدبلوماسية الجزائرية التي تحاول استعادة حضورها في الساحة الافريقية في منافسة نفوذ وحضور مغربي وازن ومؤثر، إلى جانب كون اتفاق الجزائر متعثّر منذ سنوات وقد أعلنت ‘تنسيقية حركات أزواد’ في دجنبر تعليق مشاركتها في تنفيذه.
ويُعتبر اتفاق السلام من الأركان الأساسية لإعادة الاستقرار السياسي والعسكري في البلد الشاسع الذي تعصف به الحرب منذ اندلاع تمرد انفصالي في الشمال تلاه آخر جهادي عام 2012؛ لكن عدة بنود فيه لم تنفّذ، خصوصا تلك التي تنص على إرساء اللامركزية في إدارة البلاد ودمج المتمردين السابقين في الجيش.
تجدر الإشارة إلى أن سحب بعثة “مينوسما”، جاء بعد سلسلة توترات بينها وبين السلطات، أفصح عن جانب منها وزير الخارجية المالي عبدالله ديوب، خلال تقديمه طلب “الانسحاب دون تأخير” أمام مجلس الأمن في منتصف يونيو المنصرم، مرجعا ذلك لفشلها في إعادة الأمن، وقال: “يبدو أن مينوسما باتت جزءا من المشكلة عبر تأجيج التوترات الطائفية”.