من أم حسن إلى شراء التصريحات.. أيّ خير يرجى من الكابرانات!!

الدار : ليلى الدريوش
على الرغم من حرصنا الشديد في المغرب، سلطة وشعبا ومجتمعا مدنيا، على استمرار علاقات الود واستئناف روابط التعاون مع الشعب الجزائري منذ القدم، إلا أننا لا نستطيع أبدا أن ننكر أن الأذى التاريخي الذي لحقنا من بلاد الكابرانات وما يزال يلحقنا لا حدود له. نحن نعيش لسوء حظنا إلى جانب نظام تعهد أن يفعل كل ما بوسعه من أجل تقسيم بلادنا وتشتيت وحدتها الترابية والنيل من مكانتها على الصعيد القاري والدولي. بل لقد أنفق هذا النظام المليارات من الدولارات من أموال شعبه فقط من أجل إحراج بلادنا أو تحقيق انتصارات ولو ظرفية عليها في منتديات دولية، وهدفه الأساسي هو أن تسقط راية بلادنا العزيزة.
لكن هيهات لقد نال النظام الجزائري دائما “الطريحة” التي يستحقها في مختلف المواجهات التي جمعت بين بلدينا، سواء كانت مواجهات عسكرية أو دبلوماسية أو رياضية أو ثقافية أو غير ذلك. ولا أدل على ذلك الصفعة الأخرى التي تلقاها بالأمس ممثل الاتحاد الجزائري لكرة القدم في انتخابات أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد الإفريقي، حيث حصّل تلك الهزيمة النكراء على مرأى ومسمع من الجميع. ولن ننكر أبدا أن المغرب كان واحدا من البلدان التي صوتت لمنافسه الليبي عبد الحكيم الشلماني. هذه مجرد معركة بسيطة في ساحة صغيرة من ساحات المواجهة المفتوحة بين بلدينا. لا يجب أن ننسى أن المواجهات الحقيقية الوازنة هي تلك التي تجمعنا في ساحات الدبلوماسية الدولية وعلى مستوى المنافسة في تعزيز القدرات العسكرية الدفاعية.
هذا التشخيص للعلاقات بيننا وبين الجزائر يُظهر أننا في المغرب قادرون في الوقت نفسه على التعامل مع نظام الكابرانات بنهجين مختلفين تماما تفاعلا مع درجة عدوانيتهم: نحن قادرون على مد يد التعاون باستمرار من أجل استئناف العلاقات الطبيعية بين بلدينا، وقادرون في الوقت نفسه على الدفاع عن حدودنا واستقرار بلادنا وكسر شوكة كل من تسول له نفسه النيل منه. ما سبب هذا الوعي المتناقض ظاهريا المتكامل وظيفيا في التعامل المغربي مع الجزائر؟ الجواب ببساطة هو أحداث التاريخ والواقع التي تكذب كل أصحاب النوايا الحسنة، الذين نسألهم السؤال التالي: من منكم يستطيع اليوم أن يذكر فضلا واحدا أو حسنة واحدة كسبها المغرب والمغاربة من الجزائر ومن نظام الكابرانات؟
ستتطلب الإجابة عن هذا السؤال الكثير من الوقت لإيجاد مثال واحد، إن وجد. فتاريخيا لم يجن المغرب من الجزائر والجزائريين غير الآفات والمآسي. يكفي أن نتذكر أن المغرب استُعمر أصلاً بسبب الجزائر. لم تكن السلطات الفرنسية لتتجرأ على فرض الحماية على بلادنا لولا الدعم الذي قدمه السلطان المغربي والمغاربة عموما للجزائريين في بداية القرن العشرين لموجهة المستعمر الفرنسي. وبعد الحماية، ألم يخسر المغرب جزءاً كبيرا من أراضيه في الصحراء الشرقية على الخصوص بسبب ثقته في الشركاء الجزائريين ورفضه ترسيم الحدود خلال فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر؟ ومتى عرف المغرب الظاهرة الإرهابية حتى تورط جزائريون متطرفون في تفجير فندق أطلس أسني سنة 1994؟
وحتى ماخور بوسبير الذي يحلو لبعض الكتائب الإلكترونية الجزائرية أن تقدمه في التعليقات كسبة في حق المغرب والمغاربة، هو مؤسسة فساد كان وراء تأسيسها الوسيطة الجزائرية الشهيرة “أم حسن” التي احترفت مهنة القِوادة في الجزائر قبل أن تنقلها إلى بلادنا. ولم يكتف الجزائريون بمعاكسة وحدتنا الترابية وبناء المواخير في بلادنا بل كانوا أيضا مصدر لعنة المخدرات العصرية، حيث نهجت عصابة الكابرانات استراتيجية مدمرة بلا هوادة نجحت في اختراق بلادنا بالعقاقير المخدرة الشهيرة “بالقرقوبي”، مستفيدة في ذلك من خبرة الحليف الروسي الذي يعرف عالميا بأكبر منتجي العقاقير المخدرة في العالم، ولا أدل على ذلك تحول النظام السوري إلى أكبر مصدري مخدر “الكبتاغون” في العالم بفضل الخبرات الروسية.
ثم ماذا بعد الاستعمار والانفصال والمواخير والعقاقير السامة؟ هل يتوقف الأذى الجزائري عند هذه الحدود. صدقونا لن يتوقف عند ذلك. لقد علمتنا خبرة السنين في التعامل مع هذا النظام أن الحقد والغل التاريخي الكامن في نفوس عصابة العسكر، وفي نفس الأسير السابق السعيد شنقريحة، لا حدود له. ولن يدخر هذا النظام أي جهد لتسليط المزيد من سهام الخراب والتشويش على بلادنا. ولأنه لا يمتلك أدوات مواجهة شجاعة وحقيقية ضد بلادنا، يلجأ باستمرار إلى أساليب وأدوات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها حقيرة ورخيصة، مثل شراء ذمم بعض المسؤولين أو الدبلوماسيين لإطلاق تصريحات تدغدغ مشاعر الوهم الانفصالي.
ولعل حرب المهاجرين السريين اللاإنسانية التي يوظف فيها الكابرانات أقذر الأساليب تمثل واجهة من أخرى واجهات هذه الحرب الشعواء. توظيف موجات يائسة من البشر الذين يبحثون عن بوابة أمل في إحراج بلادنا باستقبال المزيد من الباحثين عن الحلم الأوربي من المهاجرين السريين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء. لكن الذي لا يفهمه مجرمو هذا النظام الذين تعودوا على ترك المهاجرين السريين يلقون مصيرهم في الصحاري القاحلة أن بلادنا فتحت منذ زمن ذراعيها للأشقاء الأفارقة وتستضيفهم على أراضيها وتمكنهم من حقوقهم الأساسية على غرار باقي المغاربة. لأنها بلاد خير وضيافة وليست بلاد حقد وكراهية.