أخبار دولية

هل يطلب تبون الحماية من الرئيس الصيني بعد خيبته في موسكو؟

الدار- ليلى البوزيدي

وصل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون اليوم إلى جمهورية الصين الشعبية قادما إليها من قطر، بعد أسابيع قليلة فقط من زيارة مشابهة قام بها إلى روسيا. وبينما حظي الرئيس الجزائري باستقبال باهت في مطار بكين، لم يحضره الرئيس الصيني شي جين بينغ، يعوّل الكابرانات كثيرا على هذه الزيارة من أجل تجاوز حالة العزلة الشديدة التي يعيشها النظام الجزائري منذ فترة طويلة، خاصة بعد تورط روسيا في الحرب ضد أوكرانيا، وتوقف الإمدادات العسكرية للجيش الجزائري، والفضيحة الدبلوماسية التي ارتكبها تبون خلال زيارته الأخيرة لموسكو. فهل يكرر الرئيس الجزائري طلب الحماية على الرئيس الصيني بعد أن تلقى ردا باهتا من فلاديمير بوتين؟

من الواضح أن سبب الزيارة التي ستستمر يومين هو محاولة الكابرانات البحث عن بديل للاعتماد على المحور الروسي، من خلال الانفتاح على بكين، التي تعد اليوم فاعلا اقتصاديا ودبلوماسيا وعسكريا قويا لا يمكن تجاهله. فالخصاص الذي يخلفه تراجع زخم العلاقات مع روسيا على كافة المستويات، لا يمكن تعويضه إلا بالارتماء في أحضان نظام شمولي مشابه للنظام الروسي، ويمكنه أن يستوعب إلى حد بعيد العقلية الجزائرية القائمة على شرعية العسكر والحزب الوحيد منذ زمن طويل. ومغازلة الصين هي أيضا حركة دبلوماسية هدفها الأساسي إيجاد حليف قوي يمكن أن يوفر الحماية لهذا النظام الذي لم يعد يخفي حاجته إلى حماية.

كلنا نتذكر كيف قدم الرئيس الجزائري خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو طلبا صريحا أمام كاميرات العالم للرئيس الروسي من أجل توفير الحماية لبلاده، وتزويدها بما تحتاجه من سلاح، بل إنه توسل إلى بوتين بحق التبعية التاريخية والولاء الدائم الذي كان الكابرانات يعبّرون عنه باستمرار لموسكو. وفي السياق الحالي لا يمكن بتاتا أن تخرج زيارة تبون إلى الصين عن هذا المسعى أيضا. لو أجّل تبون زيارته إلى العام المقبل على سبيل المثال لربّما احتملت قراءة مختلفة، بالنظر إلى تغير المعطيات وبعد المسافة الزمنية. لكن ما دام نظام الكابرانات ما يزال تحت وطأة الشعور بهذه العزلة الدولية المتزايدة، وتفكك علاقاته مع جل الدول الأخرى، بل وتراجع الحضور الدبلوماسي لهذا النظام، فمن الطبيعي أن نؤول لقاء تبون وشي جين بينغ تأويلا شبيها بما حدث في لقائه ببوتين.

لكن هل لدى الصين ما تقدمه للجزائر؟ على مستوى السلاح يبدو أن ما تتوفر عليه الصين لا يفوق كثيرا ما تتوفر عليه موسكو، لكن الفرق بينهما هو أن روسيا عاجزة اليوم تماما عن توفير الذخائر والأسلحة لتزويد حلفائها بالنظر إلى حاجتها الشديدة إليها في خضم الصراع الدائر في أوكرانيا، بينما تتمتع الصين بالمقابل بمساحة تصرف أكثر حرية، بالنظر إلى أنها غير محتاجة إلى هذه الأسلحة في الوقت الراهن. كما أنها تعمل باستمرار على تطوير قدراتها الإنتاجية والتجارية في هذا المجال. ولدى الصين أيضا الكثير من الفرص التي ترغب في استغلالها داخل الجزائر، خاصة فيما يتعلق بالحصول على صفقات مشاريع البنية التحتية واستغلال المناجم ومصادر الطاقة.

ومن المؤكد أن هذه الفرص ستمثل ورقة مقايضة من أجل الحصول على الأسلحة التي يريدها الكابرانات اليوم بأي ثمن كان، بعد أن تبين لهم بجلاء أن الجيش “الأسطوري” الذي ما يزال يقدم عروضا ساخرة أمام القيادة، قد تجاوزه الزمن، وأن قدراته القتالية وعتاده لم يعد يمكنه من مواكبة المستجدات في عالم الحرب والقتال. لكن الأهم من هذا وذاك أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يبحث عن علاقات “استراتيجية” مهما كانت ضريبتها من أجل تزيين حصيلة ولايته التي تبين أنها كانت ولاية فاشلة بكل المقاييس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى