“كوب-27” في مصر، من أجل حلول بحجم الأزمة المناخية المتفاقمة

في مناسبات عديدة، دقت منظمة الأمم المتحدة ناقوس الخطر: العالم يواجه أزمة مناخية تتفاقم على مر السنوات. الخطر يحدق برفاه البشرية ويرهن، في غياب إجراءات ملموسة وعاجلة، مستقبل الكوكب بأسره.
في هذا السياق المتسم بالظواهر المناخية القصوى، وأزمة الطاقة التي أججتها الحرب في أوكرانيا فضلا عن الوعود التي لم يتم الوفاء بها بشأن مكافحة انبعاثات الكربون، ينعقد في شرم الشيخ بمصر، مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب-27)، في الفترة من 6 إلى 18 نونبر الجاري.
مجددا، وفي رسالة تحذير، مرة أخرى، من تفاقم أزمة مناخية تجلت هذا العام من خلال فيضانات غير مسبوقة، لا سيما في باكستان والفلبين وحرائق مدمرة في كاليفورنيا وفي أجزاء عديدة من أوروبا، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الدورة السابعة والعشرين من قمة المناخ يجب أن تقدم “دفعة أولى” بشأن الحلول المناخية، تتناسب مع حجم المشكلة.
في العام 1992، وخلال قمة الأرض في ريو دي جانيرو، وافقت البلدان، وبموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، على “تثبيت استقرار تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي لمنع التدخل الخطير من النشاط البشري في نظام المناخ”.
ومنذ سنة 1994، عندما دخلت المعاهدة حيز التنفيذ، أقدمت الأمم المتحدة بشكل سنوي على جمع كل بلد على وجه الأرض تقريبا لحضور مؤتمرات القمة العالمية للمناخ، المعروفة باسم “COP”، والتي تعني “مؤتمر الأطراف”.
وخلال هذه الاجتماعات، تفاوضت الدول على ملحقات مختلفة للمعاهدة الأصلية لوضع حدود ملزمة قانونا للانبعاثات، على سبيل المثال، بروتوكول كيوتو في عام 1997 واتفاق باريس الذي اعتمد في عام 2015، حيث وافقت جميع دول العالم على تكثيف الجهود من أجل محاولة الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية فوق درجات حرارة ما قبل الصناعة، وتعزيز تمويل العمل المناخي.
وخلال مؤتمر الأطراف الأخير للمناخ، المنعقد في غلاسغو، تم اعتماد ميثاق أبقى هدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية.
وحسب الأمم المتحدة، فقد تم إحراز تقدم ليعمل اتفاق باريس بكامل طاقته، من خلال الانتهاء من التفاصيل الخاصة بتنفيذه العملي، المعروفة أيضا باسم “كتاب قواعد باريس”.
وخلال “كوب-26″، اتفقت الدول على تقديم التزامات أقوى هذا العام، بما في ذلك الخطط الوطنية المحدثة ذات أهداف أكثر طموحا، إلا أن 23 دولة فقط من بين 193 دولة قدمت خططها إلى الأمم المتحدة حتى الآن، التي تعرب عن أسفها حيال ذلك.
كما شهدت مدينة غلاسغو العديد من التعهدات التي تم قطعها داخل غرف التفاوض وخارجها في ما يتعلق بالتزامات الصافي الصفري، وحماية الغابات والتمويل المناخي، من بين العديد من القضايا الأخرى.
وفقا لبيان الرؤية الرئاسية، يوضح القسم الإعلامي لمنظمة الأمم المتحدة، فإن قمة “كوب-27” ستكون حول الانتقال “من المفاوضات والتخطيط إلى التنفيذ” لكل هذه الوعود والتعهدات التي تم تقديمها، مسجلا أن مصر دعت إلى اتخاذ إجراءات كاملة وشاملة وواسعة النطاق وفي الوقت المناسب على أرض الواقع.
ووفقا لما نقلته الأمم المتحدة عن خبراء، فإلى جانب مراجعة كيفية تنفيذ كتاب قواعد باريس، سيشهد المؤتمر أيضا مفاوضات بشأن بعض النقاط العالقة في ما بعد مؤتمر غلاسغو.
وتشمل هذه القضايا تمويل “الخسائر والأضرار”، حتى تتمكن البلدان الواقعة في الخطوط الأمامية للأزمة من التعامل مع عواقب تغير المناخ، التي تتجاوز قدرتها على التكيف، والوفاء بالوعود لتقديم 100 مليار دولار كل عام لتمويل التكيف في الدول منخفضة الدخل، من قبل الدول المتقدمة.
وستمهد كل هذه المناقشات، تضيف المنظمة الأممية، الطريق لإجراء أول تقييم عالمي خلال مؤتمر “كوب-28″، والذي سيقيم في عام 2023 التقدم العالمي الجماعي بشأن التخفيف والتكيف وسبل تنفيذ اتفاق باريس.
من جانب آخر، فإن تمويل المناخ سيكون موضوعا أساسيا مجددا خلال “كوب-27″، حيث ستوجه البلدان النامية نداء قويا للدول المتقدمة لتأمين الدعم المالي المناسب والكافي، لا سيما للدول الأكثر ضعفا.
وأوضحت الأمم المتحدة أنه “من المحتمل أن يتم التطرق كثيرا إلى موضوع الوعد السنوي من قبل الدول المتقدمة لتقديم مبلغ 100 مليار دولار سنويا، والذي لم يتم الوفاء به. ففي عام 2009 في كوبنهاغن، التزمت الدول الغنية بهذا التمويل، لكن التقارير الرسمية ما زالت تظهر أن هذا الهدف لم يتحقق. ويتوقع الخبراء أن يجعل “كوب-27” هذا التعهد حقيقة واقعة أخيرا في عام 2023.
ويضيف القسم الإعلامي الأممي أن مناقشات قد دارت حول إنشاء صندوق للخسائر والأضرار، ولكن لم تترجم إلى شيء ملموس حتى الآن.
وحسب المصدر ذاته، فإن خبراء، بمن فيهم المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق تغير المناخ، إيان فراي، يأملون في بناء مزيد من الزخم وإنجاز الصندوق.
واعتبر السيد فراي أن الوقت حان “لأن تقف الدول الكبيرة، البلدان الرئيسية المسببة للانبعاثات، وتقول، علينا أن نفعل شيئا، علينا أن نقدم مساهمة لهذه البلدان الضعيفة”.
وحتى الآن، هناك أكثر من 30 ألفا من ممثلي الحكومات والشركات والمنظمات غير الحكومية ومجموعات المجتمع المدني مسجلون لحضور المؤتمر الكبير حول المناخ في مصر.
المصدر: الدار-وم ع