هذه حيثيات المصادقة على قانون “شراء العقوبة السجنية” المثير للجدل

الدار- تحليل
وسط جدل كبير، صادقت لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، أمس الأربعاء 4 أكتوبر الجاري، على شراء العقوبة السجنية، الوارد في القانون 43.23 المتعلق بالعقوبات البديلة.
تمرير هذا القانون تم عقب موافقة 18 نائبا مقابل 8 آخرين معارضين، فيما دفع وزير العدل عبد اللطيف وهبي، عنه مؤكدا أنه ” لا توجد أي خلفية سياسية وراء تمرير هذا القانون”،مشيرا إلى أنه ” ليس مسألة أغلبية أو معارضة، بقدر ما في خدمة السجون ونزلائها”.
كما أوضح وزير العدل، أيضا أن ” قيمة يوم واحد من السجن ستتراوح ما بين 100 و1000 درهم، مشيرا إلى أن القاضي في هذه الحالة سيستحضر الحالة الاقتصادية والوضعية المادية والاجتماعية لكل مدان يرغب في شراء أيام سجنه”.
لفهم حيثيات المصادقة على هذا القانون، يكفي الرجوع إلى مسألة مهمة تتعلق بالاكتظاظ الذي تعاني منه سجون المغرب، حيث يأتي قانون العقوبات البديلة من من أجل الحد من هذا الاكتظاظ، و ظهور توجه عالمي جديد، تريد المملكة الانخراط فيه وهو سن سياسة جنائية أكثر ملاءمة للعصر وللأفكار وللنظريات السائدة التي تقوم أساسا على إيجاد بدائل للعقوبات السالبة للحرية.
الحكومة سارعت إلى معالجة اشكالية الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، من خلال المصادقة شهر يونيو الماضي، على مشروع قانون العقوبات البديلة، الذي يرتقب أن يشكل لبنة جديدة في مسار تنزيل توصيات الميثاق الوطني حول إصلاح منظومة العدالة.
يقصد المشرع ب”العقوبات البديلة”، العقوبات التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجرائم التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها سنتين، وتخول للمحكوم عليه تنفيذ بعض الالتزامات المفروضة عليه مقابل حريته، وفق شروط تراعي من جهة بساطة الجريمة، ومن جهة ثانية اشتراط موافقته.
سياق المصادقة على شراء العقوبة السجنية، الوارد في القانون 43.23 المتعلق بالعقوبات البديلة، يتسم أيضا بظهور مطالب حقوقية تدق ناقوس الخطر إزاء اكتظاظ المؤسسات السجنية، خاصة بعد أن أعلنت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أن عدد السجناء بالمؤسسات السجنية بلغ، اليوم الاثنين 7 غشت الماضي، 100.004 سجناء، وهو رقم قياسي، علما أن الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية حاليا لا تتجاوز 64.600 سرير.
كما أن رئاسة النيابة العامة، سبق و أن أكدت أن معالجة موضوع اكتظاظ المؤسسات السجنية، يجب أن يتأتى من خلال مقاربات متعددة تروم أنسنة المؤسسات السجنية، وتوفير الظروف الملائمة للعاملين بها لأداء مهامهم بيسر، مع استحضار استمرارية ضمان أمن وسلامة المجتمع.
و تبذل رئاسة النيابة العامة جهودا كبيرة من أجل عقلنة تدبير الاعتقال، حيث دأبت على عدم اللجوء إلى إعماله إلا عند الضرورة، وهو ما تعكسه نسبة الإعتقال التي لم تتجاوز 24% من بين المقدمين أمامها والبالغ عددهم (309259)، خلال النصف الأول من هذه السنة، وهي نسبة تبقى جد معقولة مقارنة مع النسب المرتفعة المسجلة لدى بعض الدول الأخرى، تؤكد رئاسة النيابة العامة في بلاغ سابق.
كما سبق وان شددت رئاسة النيابة العامة على أنها ” تعمل على مواكبة موضوع الاعتقال، والتفاعل مع وضعية المؤسسات السجنية التي تعرف بعضها اكتظاظا في ساكنتها من خلال توجيه عمل النيابات العامة بمقتضى دوريات أو عقد اجتماعات مع مسؤوليها، وأيضا عبر تنظيم دورات تكوينية في هذا المجال، مع الأخذ بعين الاعتبار التلازم بين مواجهة استفحال الجريمة وحماية المواطن والمجتمع من آثارها كأولوية، انطلاقا من مبدأ التزامات الدولة في هذا الإتجاه.