أخبار الدار بلوسرياضة

ماذا ستجني المملكة العربية السعودية من صفقة انتقال رونالدو؟

الدار/ تحليل
التقديم الذي ظهر فيه اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو اليوم بملعب نادي النصر السعودي بالرياض كان غنيا بالدلالات والرسائل العميقة التي تعكس جانبا من التحولات التي تعيشها المملكة العربية السعودية. لا يتعلق الأمر هنا بانتقال لاعب محترف إلى نادٍ كروي من أجل تحسين أداء النادي وتحصيل بطولات وألقاب وتسجيل أهداف وتحطيم أرقام قياسية. في حقيقة الأمر رونالدو لم ينتقل فقط إلى نادي النصر السعودي، وإنما هو انتقال إلى الدوري السعودي بل إلى المملكة العربية السعودية ككل. هذا يعني أن المكاسب المتوقعة من الصفقة التاريخية لانتقال اللاعب الأشهر في العالم تتجاوز الجوانب الرياضية إلى ما هو ثقافي وإشعاعي بالنسبة لمملكة تعيش مرحلة خاصة من تاريخها.

فمنذ تولّي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد وبروزه كشخصية سياسية هامة في هذا البلد العربي الخليجي تعيش المملكة مرحلة مهمة من إعادة بلورة صورتها الخارجية سواء في العالم العربي أو في كافة أنحاء العالم. صورة تقدم المملكة كبلد عصري ومنفتح راغب في معانقة ركب التحديث وملاحقة صف الحداثة بعيدا عن أي مركبات نفسية أو تاريخية أو عُقد متوارثة تخرج هذا البلد الذي يمتلك مؤهلات لا حدود لها من دائرة الإشعاع العربي والدولي. ولعلّ الثورة التي حدثت في المملكة العربية السعودية خلال السنوات القليلة الماضية في كثير من المجالات كحقوق المرأة أو الانفتاح على الفن أو المجال الترفيهي تظهر أن الأمر لا يتعلق فقط بملفات هامشية بقدر ما يتعلق بهوية متجددة للمملكة.

ولا يمكن إخراج انتقال كريستيانو رونالدو إلى نادي النصر السعودي عن دائرة هذا التحوّل الهائل في صورة المملكة وإشعاعها. لقد حصل اللاعب البرتغالي على عقد هو الأعلى في تاريخ كرة القدم على مستوى الأجر، لكن المسؤولين السعوديين يدركون جيدا الأثر البالغ الذي سيحدثه انتقال لاعب مثل رونالدو إلى الدوري السعودي، على كرة القدم في هذا البلد وعلى علاقة المجتمع السعودي بالرياضة عموما. كم كانت صورة رونالدو مع فتيان وفتيات نادي النصر السعودي من الفئات الصغرى قوية من حيث رمزيتها ودلالتها؟ إنها عكست إلى حد كبير حجم التحوّل الإيجابي العميق الذي عرفته المملكة العربية السعودية من بلد كان إلى الأمس القريب لا يسمح للمرأة بامتلاك رخصة سياقة إلى بلد يشجع كرة القدم النسوية ويحفز البنات الصغيرات على ممارسة الرياضة.

بلد ينفتح اليوم في عاصمته الرياض على حفل استقبال باهر يخصص لأشهر أسرة في عالم الرياضة، تمثلها أسرة رونالدو وصديقته جورجينا. بلد يوظف بذكاء شخصية مثل رونالدو وعائلته من أجل تحقيق إشعاع دولي غير مسبوق للمملكة التي تابعها خلال حفل التقديم الملايين من المشاهدين عبر العالم، من عشاق ومتابعي رونالدو وجورجينا. لن تقتصر فوائد انتقال رونالدو إذن إلى نادي النصر على كرة القدم السعودية فقط بل ستمتد أيضا إلى صورتها وإشعاعها العالمي، وكذا إلى الأجيال الشابة والصغرى من رعايا المملكة الذين يجدون أنفسهم اليوم ينشؤون في غمار مجتمع مختلف أكثر انفتاحا وتقبّلا للآخر وإقبالا على الأنشطة الرياضية والفنية والترفيهية في كل المجالات.

لأجل هذا الإشعاع فإن أندية المملكة العربية السعودية مستعدة لإنفاق المليارات من أجل احتضان أشهر اللاعبين في العالم وأكثرهم مهارة وتأثيرا. ما قاله رونالدو عن حفاوة الاستقبال وعن الدوري السعودي وعن جمهور المملكة أمام وسائل الإعلام ليس سوى بداية لهذا المكسب الإشعاعي الهام الذي تراهن البلاد على تحقيقه. وفي المستقبل القريب سيتحوّل الدوري السعودي إلى قبلة حقيقية لكل مشاهير كرة القدم العالمية الذين سيكون لهم شرف مجاورة أشهر لاعب في تاريخ كرة القدم وأكثرهم متابعة وتأثيرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى