أخبار الدار بلوس

كيف أصبح فوزي لقجع كابوسا للإعلام الجزائري؟

الدار/ افتتاحية

لا يكاد استوديو من استوديوهات التحليل الرياضي في القنوات والمنصات الإعلامية الجزائرية يخلو من ذكر اسم رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع. تحوّل الرجل في الأسابيع القليلة الماضية إلى موضوع الساعة وقضية محورية في اهتمامات البرامج التلفزيونية والرقمية الرياضية في الإعلام الجزائري. لا يتوقف المحلّلون والصحافيون عن استحضار اسم رئيس الجامعة الملكية المغربية في مناقشة الاستعدادات الجارية لانطلاق منافسات كأس إفريقيا للمحليين المرتقبة في الجزائر. وفي كلّ مرّة يصبح فيها فوزي لقجع شمّاعة للفشل الجزائري في التحضير لبطولة من الدرجة الثانية يبدو أنها لن تحظى بأي اهتمام يذكر على صعيد المتابعة الإفريقية والعربية.

هذا الهَوَس الذي أصاب الإعلام الجزائري من اسم فوزي لقجع يعكس في الحقيقة المخاوف الجمّة التي تسيطر على السلطات الجزائرية من احتمال فشل هذه البطولة في إبراز صورة إيجابية عن البلاد وعن بنياتها التحتية وقدراتها التنظيمية. هذا الإسهال الغريب في استثمار اسم الرجل لتبرير الفشل الداخلي هو أيضا علامة على انعدام الثقة في الإمكانات المحلية وفي المؤسسات الجزائرية التي أوكلت لها مهمة تدبير قطاع الرياضة وكرة القدم على الخصوص. عندما يسأل صحافي جزائري رئيس اللجنة التنظيمية لبطولة “الشأن” عن سبب برمجة المغرب لقرعة كأس العالم للأندية في يوم 13 يناير تاريخ افتتاح البطولة الإفريقية فهذا دليل على أن الأمر يكاد يتحوّل إلى حالة نفسية مرَضية أصابت الجزائريين وتغذيها هذه المقاربة الإعلامية المسكونة بالمغرب وبفوزي لقجع.

لكن من جهة أخرى، قد يتعاطف المرء مع هذا الإعلام عندما يدرك هواجس الجزائريين من الصورة المتخلّفة التي قد يظهرون بها خلال بطولة كأس إفريقيا للمحليين. على سبيل المثال المشهد الذي تم تداوله عن طريقة بيع تذاكر البطولة بأسلوب إداري قديم ومتجاوز تؤكد أن الهياكل الرياضية في هذا البلد لا تزال تعمل بطرق تقليدية متجاوزة أكل عليها الدهر وشرب. ومن ثمّة فإن التركيز على ما يقوم به فوزي لقجع ليس في الحقيقة سوى إعجاب دفين وغير معلن بشخصيته وبما أنجزه لفائدة كرة القدم المغربية سواء على مستوى مكانتها القارّية أو حتّى الدولية، أو على المستوى الداخلي من خلال برامج تطوير اللعبة وانتشارها وتوفير البنيات التحتية المشجعة لذلك مثل المئات من ملاعب القرب التي تم تدشينها.

عندما تُكثر من ذكر شخص ما ولو بطريقة نقدية، فهذا في العمق دليل على أنك معجب به وبعمله ولكنك لا تستطيع الإعلان عن ذلك. فوزي لقجع في الرؤية غير المعلنة للإعلام الجزائري هو شخصية إفريقية استطاعت أن تقدم للمغرب ما عجزت عنه الشخصيات الرياضية الجزائرية، ونجح في ضمان المكانة المستحقّة لكرة القدم المغربية في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، وأعاد الاعتبار لها بعد سنوات من الغياب عن الساحة الإفريقية ومن هيمنة بعض الاتحادات المحلية كالاتحاد التونسي والاتحاد المصري. ويدرك الإعلام الجزائري في هذا السياق أن الانتصارات التي حقّقتها كرة القدم المغربية في السنوات الأخيرة سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات تعود في جانب مهمّ منها إلى العمل الجبّار الذي قام به هذا الرجل.

ولذلك فإن ما نتابعه هذه الأيام من تركيز جزائري على شخصية الرجل لن يتوقّف بتاتا ما دامت كرة القدم الجزائرية عاجزة عن بلورة مخططات وطنية للرقي بالجوانب التنظيمية. فتحقيق الإشعاع القاري أو السمعة الدولية ليس مجرد تسابق على تنظيم بطولات أو حتى الحصول على شرف ذلك، وإنما هو بالأساس اهتمام محلّي بتطوير اللعبة ثم اجتهاد يتجاوز الحسابات الضيقة، التي تجعل من كرة القدم في الجزائر رياضة محكومة بالاعتبارات السياسية للكابرانات وتتعرّض باستمرار لتوظيف رخيص في مواجهة مع المغرب ومع طموحاته المشروعة. وما دام الجزائريون عالقين في ورطة المقارنة الدائمة مع المغرب وإنجازاته فستظل كرة القدم هناك ضحية لهذا الهوس السياسي الذي يدفعهم اليوم على سبيل المثال إلى رفض استقبال طائرة منتخب إفريقي وعربي جار عبر خط جوي مباشر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى