أخبار الدار بلوس

القوات المسلحة الملكية.. 68 عاماً من الالتزام الوطني والقومي والأممي

الدار/ تحليل

مضت 68 سنة على تأسيس القوات المسلحة الملكية الحصن الحصين لأمن اbلمغرب واستقراره ووحدته الترابية. هذه المؤسسة الوطنية التي عبّرت منذ بدايات أداء مهامها عن ارتباط وثيق بالعرش والشعب، والتزام كبير بمصالح البلاد وضمان مستقبلها هي التي استطاعت أن تحمي حوزة الوطن من كلّ المؤامرات التي استهدفتها منذ الاستقلال، وضمنت لبلادنا هيبة وضعتها في مصاف الدول الأكثر أمانا واستقرارا في العالم. يجب أن ندرك أن ما قدّمته القوات المسلحة الملكية لبلادنا كان وما يزال وسيظلّ مصدر فخر واعتزاز للمغاربة جميعا ملكا وشعبا وحكومة، ولا سيما أن التاريخ يثبت أن القوات المسلحة الملكية كانت منذ بدايات الاستقلال ذلك الدرع الذي حمى البلاد من رياح الخراب التي كانت تأتي في زمن الحرب الباردة من كلّ الجهات.
نتذكر كيف استطاعت قواتنا المسلحة الملكية في حرب الرمال أن تلقّن العصابة العدوانية وراء حدودنا الشرقية درسا ظلّ إلى اليوم عالقا في أذهان القادة المنهزمين. ولعلّ تلك المعركة الدفاعية شكّلت في ذلك السياق التاريخي عنصر الأمان الذي عاش على إيقاعه الشعب المغربي منذ ذلك الحين بعيدا عن أيّ تهديد للاستقرار والشعور بالطمأنينة والسلامة الجسدية والنفسية. في الوقت الذي كانت فيه شعوب أخرى تتعرّض إلى انتهاك حدودها والاعتداء على سيادتها استطاعت قواتنا المسلحة الملكية في منتصف الستينيات أن تُظهر للأعداء والغرباء أنها لن تسمح أبدا بأي تطاول أو تجاوز في حقّ الأرض والحدود والشعب المغربي.
القوات المسلحة الملكية التي دافعت عن وحدتنا الترابية في هذه المرحلة هي نفسها التي لبّت نداء الواجب القومي والعربي عندما شاركت إلى جانب الجيوش العربية في حرب تحرير الأراضي العربية المحتلة سنة 1973، وقدّم جنودها أرواحهم فداء للجولان السوري وصحراء سيناء المصرية والأراضي الفلسطينية المحتلة. ما تزال قبور شهداء القوات المسلحة الملكية في بعض المناطق العربية شاهدة على هذه الصفحة المجيدة من تاريخ الجيش المغربي. ومهما نالت الحسابات السياسوية الضيقة من العلاقات المغربية مع العديد من الدول العربية فإنّها لا تستطيع أن تزيّف التاريخ وتنكر هذا العطاء القومي الذي يمثّل صفحة أخرى في تاريخ الارتباط بين المغرب ومقدسات المسلمين في المشرق العربي.
فعلى غرار استعانة القائد صلاح الدين الأيوبي بالجنود المغاربة لتحرير القدس قبل قرون بعيدة، لم تتأخر القوات المسلحة الملكية عن المشاركة في ملحمة حرب 1973 التي استطاعت الجيوش العربية أن تبطل خلالها أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر. لكن القوات المسلحة الملكية لم تكن حاضرة في واجهة الدفاع والقتال العربية والوطنية فقط، لقد كانت أيضا عنصرا مساهما في إنجاح الكثير من مهام نشر السلام عبر العالم. وتعدّ بلادنا من أكثر دول العالم مشاركة في هذه المهام، ولعلّ التجريدة المغربية المغربية في بعثة “مونوسكو” بالكونغو الديمقراطية أكبر شاهد حالياً على هذا الالتزام المغربي، من خلال أزيد من 1300 عنصر ينتشرون في هذا البلد لتعزيز جهود حفظ السلام. وعلى غرار الكونغو كانت القوات المسلحة الملكية حاضرة في مواقع كثيرة رهن إشارة الجهود الأممية كما هو الحال في إفريقيا الوسطى وجنوب السودان.
واليوم تصل القوات المسلحة الملكية الحاضر بالمستقبل من خلال رفع رهانات كبرى، تتعلّق بجهود التطوير والتوجه نحو فعالية ميدانية أكبر. ولعلّ الكفاءة الهائلة التي تثبتها قواتنا المسلحة الملكية سنويا في سياق مناورات الأسد الإفريقي التي تحتضنها بلادنا تؤكد أن هذه المؤسسة تسير تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس نحو بناء جيش محترف ومتطور يمتلك قدرات قتالية مواكبة وعتاداً متطوراً، وبنية تنظيمية ذات نجاعة عالية. وفي صميم هذا التأهيل الذي تخضع إليه القوات المسلحة الملكية منذ سنوات تظلّ العقيدة القتالية التي تحرّك قواتنا المسلحة الملكية محافظة على ثوابتها التاريخية التي لم تتزعزع منذ تأسيسها تحت الشعار الخالد: الله الوطن الملك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى