أخبار الدار بلوس

لهذا سيكون تفويت مشاريع استراتيجية مهيكلة لمؤسسات فرنسية ضربا من العبث وإساءة لدماء شهداء الوحدة الترابية

الدار- خاص

أعاد التقرير الأوربي المتحامل ضد المغرب، بإيعاز من فرنسا، قضية تفويت المشاريع المهيكلة والاستراتيجية بالمغرب الى شركات ومؤسسات فرنسية، الى واجهة النقاش من جديد، ليطرح السؤال حول الجدوى من تكليف مؤسسات بلد يكن كل العداء الى المغرب، خاصة حينما يتعلق بوحدته الترابية.
بدا العداء الفرنسي تجاه المغرب، واضحا لا غبار عليه حيث نزلت بكل ثقلها عبر الضغط على لوبياتها لتغيير موقف تونس من قضية الصحراء المغربية، كما حركت أذنابها وأذرعها لإفساد علاقات المغرب بالاتحاد الأوربي، وهو ما اتضح في التقرير الأخير للبرلمان الأوربي، الذي جاء مليئا بالمغالطات والأكاذيب ضد المغرب.
وتمني فرنسا، التي لازالت تسكنها العقلية الاستعمارية المتعالية، النفس بارجاع المغرب الى بيت “الطاعة” متناسية أن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، و أن منطق المساومة والضغط لن يجدي أمام المغرب، ولو تمت الاستعانة بوسائل الاعلام الفرنسية، والتي توجه مدفعيتها صباح مساء إلى بلادنا، وآخرها ما كتبته صحيفة “لوموند”، أمس الثلاثاء، في مقال مخزي، يدعو بشكل مباشر على لسان عصابات “البوليساريو” الى القيام بهجمات ارهابية بالمملكة.
ظلت فرنسا طيلة عقود ما بعد استقلال المغرب، وإلى غاية اطلاق القطار الفائق السرعة “تي جي في”، البلد الذي يعتمد عليه المغرب في العديد من مجالاته الاستراتيجية، والاستثمارية لدرجة أن الرباط كانت تُصنف في الأدبيات الإعلامية لباريس، وبنبرة لا تخلو من تعالٍ بأنها “حديقة خلفية لفرنسا”، وهي النظرة التي قرر المغرب أن يضع لها حدا، من خلال وضع اطار مرجعي لا نقاش عليه فيما يخص العلاقات الاقتصادية والتجارية مع البلدان، وهو إعطاء مواقف واضحة لا تحتمل اللبس في قضية الوحدة الترابية، أو كما أكد على ذلك جلالة الملك محمد السادس في خطاب الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب، حينما اعتبر أن ” ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، مشددا جلالته على أنه أيضا هو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.
ان استمرار التوجه الى فرنسا، وتكليف مؤسسات وشركاتها بالاشراف وإنجاز بعض المشاريع التنموية في المغرب، في مجالات البنية التحتية، والصناعة، والاستثمار، والخدمات المحلية، سيكون ضربا من العبث، ووصمة عار على جبين كل مغربي، و عدم احترام لدماء شهداء الوحدة الترابية، وهو الأمر الذي يبدو أن المغرب يتجه الى وضع قطيعه معه، كما تؤكد عدد من المعطيات التي تهم بعض المشاريع التي ينوي المغرب اطلاقها مستقبلا.
على مستوى انجاز الخط الثاني من القطار فائق السرعة “البراق”، الرابط بين الدار البيضاء وأكادير، يتطلع المغرب الى تكليف احدى الشركات أو المؤسسات الصينية بهذا المشروع الضخم، في اطار الشراكة الاستراتيجية المتعددة الأوجه التي تربط الرباط و بكين، وذلك بالنظر الى التجربة التي راكمتها الصين في مجال البنيات التحتية والتي تحظى بإشادة دولية كبيرة، علما أن فرنسا كانت وراء تشييد الخط الأول لقطار البراق، الذي يربط بين مدينتي الدار البيضاء وطنجة.
ويرغب المغرب في منح مشروع انجاز الخط الثاني من القطار فائق السرعة بين الدار البيضاء وأكادير، الى الصين بغية ضمان تخفيض كلفة المشروع مع ضمان السرعة في الإنجاز، كما أن ما يقوي حظوظ الصين للظفر بصفقة انجاز هذا الخطط السككي الثالث، هو متانة شراكتها الاقتصادية الاستراتيجية مع المغرب، والتطمينات التي قدمها عدد من المسؤولين المغاربة، وعلى رأسهم، ربيع لخليع، المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، الذي كان قد أكد أن ” المغرب يضع الصين على رأس خياراته لإنجاز “تيجيفي مراكش أكادير”.
وفي تصريح يمثل اختيار المغرب، إدارة ظهره الى فرنسا بعد مواقفها العدائية ضد الوحدة الترابية، أكد ربيع لخليع في لقاء عقده يوم 22 نونبر 2019، بمناسبة مرور عام على افتتاح القطار فائق السرعة “البراق”، أن المملكة كانت قد وقعت مع جمهورية الصين الشعبية خلال زيارة الملك لها سنة 2016، مذكرة تفاهم تتعلق بالشراكة في التكوين في مجال السكك الحديدية والدراسات.
وذهب المدير العام للسكك الحديدة الى حد الحديث عن وجود مشاورات مع الصين حول هذا الموضوع، كما أن ما يعزز توجه المغرب نحو بلدان أخرى تربطه معها شراكات اقتصادية قوية ومتينة، وعلاقات قائمة على الوضوح، و المصالح المشتركة، هو كون المغرب، ينظر أيضا الى هذا الخط السككي بين الدار البيضاء، وأكادير، من زاوية اقتصادية صرفة، اذ ينتظر أن يكلف هذا الخطط تكلفة مالية أقل بـ50 في المائة من التكلفة المالية التي كلفها مشروع القطار الفائق السرعة الرابط بين طنجة والدار البيضاء، والذي أنجزته فرنسا، بحوالي 3 ملايير يورو.
والأكيد أن ما يزعج فرنسا، وهي تناور في الظلام ضد مصالح المغرب، مرتمية تارة في أحضان كابرانات النظام العسكري الجزائري بحثا عن الغاز، و محرضة تارة أخرى للبرلمان الأوربي على إصدار تقارير مفبركة، تشكل تدخلا سافرا في شؤون المغرب الداخلية، هو الندية الحادة التي أصبح المغرب يواجه بها أعداء وحدته الترابية، فالمغرب لم يعد يقبل بالمواقف الملتبسة في قضية وحدته الترابية، بل ينتظر من بعض الدول، كما أكد على ذلك جلالة الملك محمد السادس في خطاب ثورة الملك والشعب، :” من شركاء المغرب التقليديين والجدد، التي تتبنى مواقف غير واضحة، بخصوص مغربية الصحراء، أن توضح مواقفها، وتراجع مضمونها بشكل لا يقبل التأويل”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى