الجزائر تطيح بآخر بيادقها الدبلوماسية و سقوط مدو لأوبي بشرايا البشير في نهاية مكشوفة لوهم “دويلة تندوف”
الجزائر تطيح بآخر بيادقها الدبلوماسية و سقوط مدو لأوبي بشرايا البشير في نهاية مكشوفة لوهم "دويلة تندوف"

أقدمت السلطات الجزائرية في خطوة، كانت منتظرة بعد ما أضحت تتلقاه من ضربات وهزائم ديبلوماسية ، على إقالة أوبي بشرايا البشير، أحد أبرز أوجه “جبهة بوليساريو” ،و الذين راهنت عليهم الجزائر في المحافل الدولية، في إجراء يعكس حقيقة التبعية المطلقة التي تحكم علاقة الجبهة الانفصالية بصانع القرار في قصر المرادية. إقالة لم تكن سوى إعلان صريح عن نهاية دور وظيفي فشل في تبرير إستمرار دعم مشروع عبثي فقد منذ زمن طويل شرعيته السياسية والأخلاقية.
قرار إعفاء يحمل في طياته رسالة سياسية واضحة، على أن الجبهة لم تكن يوما كيانا مستقلا ، وإنما أداة من أدوات السياسة الخارجية الجزائرية، تخضع لإيقاع حساباتها وتبدلات مزاجها الدبلوماسي. فأُوبي بشرايا البشير ، الذي تم الدفع به للترويج لخطاب الإنفصال في مجلس حقوق الإنسان بجنيف وفي الأروقة الأوروبية، لم يسلم من مقصلة التصفية حين عجز عن تحقيق الإختراق المأمول في وجه المد الدبلوماسي المغربي المتصاعد.
إن فشل أحد أوجه ” ديبلوماسية الإنفصال” ، و الذي لم يكن إلا واجهة لما تبقى من أوراق “بوليساريو” الخارجية، يعكس إتساع دائرة العجز داخل قيادة تندوف، في وقت تتوالى فيه دول كانت الى الأمس القريب من الداعمين والحلفاء، سحب الاعترافات بـ”جمهورية الوهم”، لتتعمق عزلة الخطاب الانفصالي، وتتعاظم قوة المبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها الإطار الوحيد الجاد والواقعي لحل النزاع المفتعل. فلم يعد للعالم من صبر على خطاب متآكل لا يقنع أحدا، ولم تعد لأروقة الأمم المتحدة متسع لمحاولات تسويق كيان لم يولد على أرض سيادية، ولا يحظى بأي مقومات الدولة.
إنه زلزال صامت تعيشه جبهة بوليساريو التي أصبح قادتها يرقصون على صفيح ساخن، ويتوجسون رقابهم الواحد تلو الآخر ، زلزال يجد جذوره في حراك داخلي متزايد داخل مخيمات تندوف، حيث تتعالى الأصوات الرافضة للقمع والاضطهاد، لتتشكل ديناميات إحتجاجية ضد قيادة فقدت ثقة قواعدها، وراكمت الفشل والتبعية والثراء غير المشروع. وفي خلفية هذا المشهد، تظهر الجزائر كقوة مشرفة على الإخراج الرديء لهذا المسرح السياسي، الذي لم يعد يجد من يصفق له سوى حفنة من المنتفعين من مآسي الشعوب.
وإذا كانت الجزائر قد اختارت التخلص من وجه عجز عن تبرير إستمرار هذا النزيف السياسي والمالي، فإنها في الوقت نفسه تقر ضمنيا بأن المشروع الذي ترعاه على أرضها يعيش حالة إختناق حاد، لا تنفع معه لا الإقالات ولا التعيينات، ما دامت العلة كامنة في الأصل ،فما بني على باطل باطل. وفي المقابل ، يواصل المغرب ترسيخ حضوره الإقليمي والدولي بثبات، مراكما الدعم المتنامي لمبادرة الحكم الذاتي، ومرسخا سيادته الفعلية على الأقاليم الجنوبية من خلال مشاريع إستراتيجية كبرى جعلت من الصحراء بوابة إفريقيا نحو المستقبل.
ختاما ، لقد سقط أوبي بشرايا البشير من شجرة وهم “الدولة” التي زرعتها الجزائر في رمال تندوف الساخنة، والريح التي أسقطته لم تكن سوى رياح الواقع التي لا ترحم من يبني مواقفه على الخداع والدعاية. ومن تبقى في الجبهة يدرك جيدا أن الدور الوظيفي المؤقت لم يعد يجد له سوقا، وأن الجزائر نفسها قد بدأت تتهي لصياغة خروج آمن من عبء سياسي أثقل كاهلها لعقود من الزمن . وفي أفق يلوح بتلاشي بوليساريو كما تلاشى رماد خطابها، حين اصطدم بجدار مغربي اسمه الحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية للمملكة الشريفة.
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.
خبير في نزاع الصحراء المغربية.