المغرب والإمارات.. شراكة استراتيجية تتجاوز المصالح وتؤسس لنموذج في الاستقرار والتضامن
المغرب والإمارات.. شراكة استراتيجية تتجاوز المصالح وتؤسس لنموذج في الاستقرار والتضامن

الدار/ إيمان العلوي
لم تعد العلاقات المغربية-الإماراتية مجرّد تلاقي مصالح ظرفية أو تقارب دبلوماسي بروتوكولي، بل تحوّلت إلى نموذج راسخ في الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين بلدين شقيقين، تربطهما رؤية متقاربة في السياسة، وتكامل مثمر في الاقتصاد، ووعي مشترك بأهمية تعزيز الاستقرار الإقليمي والتضامن العربي.
فعلى امتداد العقود الماضية، أثبتت الرباط وأبوظبي أن العلاقات الثنائية يمكن أن تُبنى على أساس من الثقة المتبادلة والاحترام السيادي، دون خضوع لحسابات ظرفية أو اصطفافات سياسية ضيقة. وقد تجلى ذلك بوضوح في مواقف الإمارات الثابتة من القضايا الوطنية للمغرب، وعلى رأسها دعم سيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية، وهو دعم عبّرت عنه أبوظبي ليس فقط من خلال التصريحات الرسمية، بل أيضاً عبر افتتاح قنصلية عامة لها في مدينة العيون، كترسيخ عملي لهذا الموقف.
اقتصاديًا، تتعزز هذه الشراكة من خلال استثمارات إماراتية متزايدة في قطاعات حيوية داخل المغرب، تشمل البنية التحتية، الطاقة، العقار، والسياحة. ويعدّ المغرب من أكثر الوجهات جذباً للاستثمارات الإماراتية في القارة الإفريقية، بفضل ما يتمتع به من استقرار سياسي وموقع جغرافي استراتيجي، فضلاً عن الإصلاحات الاقتصادية التي قادها الملك محمد السادس.
أما على المستوى الثقافي والتنموي، فلا تغيب المبادرات المشتركة عن الساحة. فقد تعاون البلدان في مشاريع ثقافية وإنسانية، تعكس التزامًا مشتركًا بنشر قيم التسامح، والانفتاح، والحفاظ على الهوية الحضارية العربية الإسلامية. وهو تعاون ينسجم تماماً مع توجهات القيادتين في البلدين: جلالة الملك محمد السادس وسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، اللذين يجسّدان نموذج القائدَيْن المؤمنين بضرورة تكامل الجهود العربية في مواجهة التحديات.
وعلى الساحة الإقليمية والدولية، يتقاطع الموقف المغربي والإماراتي في العديد من الملفات الحساسة، سواء تعلق الأمر بالأمن في منطقة الساحل والصحراء، أو بمستقبل القضية الفلسطينية، أو بمساعي إحلال السلام في مناطق النزاع. كلا البلدين يتبنيان سياسة تقوم على الحوار، وعدم التدخل في شؤون الغير، ودعم الشرعية، وهي مبادئ جعلت منهما شريكين موثوقين على الساحة الدولية.
في المحصلة، العلاقة بين المغرب والإمارات لم تعد تقتصر على تبادل المصالح، بل أضحت تجسيدًا حيًّا لشراكة تؤمن بالقيم المشتركة، وتعمل على بناء نموذج عربي حديث، يقوم على السيادة، والاحترام، والتنمية، لا على التبعية أو الهيمنة. وبينما تتقلب التحالفات في العالم العربي، تبقى الرباط وأبوظبي تسيران بثبات، كتفاً إلى كتف، نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للمنطقة بأسرها.