أخبار الدار بلوسرياضة

أسود الأطلس يهزمون الإغراءات ويؤكدون أن الانتصار يُصنع بالانتماء لا بالمال

أسود الأطلس يهزمون الإغراءات ويؤكدون أن الانتصار يُصنع بالانتماء لا بالمال

الدار/ سارة الوكيلي

في دار السلام، كان المنتخب التنزاني يمني النفس بليلة تاريخية مدعومة بمكافآت غير مسبوقة، بعدما خصصت رئاسة البلاد وشركات محلية ما يزيد عن مئتين وستين مليون شلن لتحفيز اللاعبين، مع وعود بمضاعفة المبلغ عند التأهل ورصد مليار شلن كامل إذا تحقق حلم التتويج. الرهان كان واضحاً: المال وسيلة لشراء الحافز، والنتيجة المرجوة أن يفرض المنتخب المضيف كلمته على أرضه وبين جماهيره.

لكن المباراة أثبتت أن الملايين لا تشتري الروح ولا تضمن الانتصار. فالمنتخب المغربي دخل الميدان بعقلية مختلفة، بعيدة عن لغة الأرقام وقريبة من جوهر كرة القدم حين تتحول إلى رمز وطني. اللاعبون المغاربة حملوا قميص الوطن كما يحمل المقاتل رايته، ودافعوا عنه بروح لا تقهر. هدف واحد كان كافياً ليصنع الفارق، لكن الرسالة التي تركوها كانت أعمق بكثير من مجرد نتيجة على لوحة الملعب.

لقد برهن أسود الأطلس أن الانتماء الصادق أقوى من كل الحوافز الخارجية، وأن الشغف بالقميص الوطني يتفوق على كل الإغراءات. فحين كان الخصم يراهن على المال، كان المغرب يراهن على التاريخ، على الكبرياء، وعلى قوة الانتصار المتأصلة في شخصيته الكروية. وهنا تكمن المفارقة: قد تجلب الأموال حماسة وقتية، لكنها لا تُغرس في النفوس إيماناً ولا تخلق هوية، بينما يظل الانتماء وحده الوقود الحقيقي للإنجازات.

المشهد في تنزانيا لا يمكن قراءته كواقعة عابرة في بطولة إفريقية للمحليين، بل كتجسيد لمعنى أعمق: كرة القدم ليست سباقاً في حجم المكافآت، بل صراع هوية وإصرار. المغرب في كل مرة يثبت أنه يتعامل مع المستطيل الأخضر باعتباره امتداداً لتاريخه وواجهة لقيمه، وأن ما يميزه عن كثير من الخصوم ليس حجم الدعم المالي، وإنما صلابة الروح التي يحملها لاعبوه حين يرتدون القميص الأحمر والأخضر.

لقد خرجت تنزانيا من البطولة رغم وعود المليار، وبقي المغرب ثابتاً رغم غياب تلك الأرقام الفلكية. وهنا كانت الرسالة الأوضح: المال قد يشتري العقود، لكنه لا يشتري الكبرياء الوطني ولا يصنع أمجاداً تعيش في ذاكرة الشعوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى