أخبار الدار بلوسأخبار دولية

المغرب قبيل انتخابات 2026: جدل التوريث السياسي يهدد ثقة الناخبين

المغرب قبيل انتخابات 2026: جدل التوريث السياسي يهدد ثقة الناخبين

بقلم: محمد الحبيب هويدي

كلما اقتربت المواعيد الانتخابية في المغرب، عادت إلى الواجهة إشكالات مرتبطة بكيفية تدبير الأحزاب السياسية لملف الترشيحات. ومع العدّ التنازلي لاستحقاقات 2026، تتسع دائرة الجدل حول ما يوصف بـ”توريث المقاعد”، بعدما اختارت بعض القيادات الدفع بأبنائها وأقاربها وحتى دوائرها المقربة إلى مقدمة لوائح الترشيح، في وقت يشعر فيه جزء من المناضلين القدامى بأن تضحياتهم داخل الميدان تُهمّش أمام منطق القرابة والمصالح الخاصة.

هذه الممارسات، التي لم تعد تخفى على الرأي العام، تعكس أزمة عميقة في آليات إنتاج النخب داخل المشهد الحزبي المغربي. فبدل أن تكون الأحزاب فضاءً لتكافؤ الفرص وصقل القيادات الجديدة، تتحول في نظر الكثيرين إلى أطر مغلقة تدور في فلك عائلات بعينها. وهو ما يطرح أسئلة جادة حول مستقبل الديمقراطية الداخلية ومدى قدرة الأحزاب على تجديد نفسها بما ينسجم مع التحولات الاجتماعية والسياسية في البلاد.

في المقابل، يحذر خبراء من أن استمرار هذه الديناميات قد يؤدي إلى تفاقم أزمة الثقة بين المواطن والمؤسسات، ويعزز عزوف الناخبين عن صناديق الاقتراع. فوفق تقارير وطنية ودولية، يشكل ضعف المشاركة السياسية أحد أبرز التحديات التي تواجه المغرب، حيث يعبر جزء مهم من الشباب عن فقدان الحماس للعملية الانتخابية، معتبرين أن المشهد السياسي لا يعكس تطلعاتهم ولا يستجيب لأولوياتهم.

وتزداد خطورة الوضع مع اتساع الهوة بين الخطاب الإصلاحي الذي ترفعه الأحزاب وواقع الممارسات الداخلية التي تطبعها الولاءات العائلية والزبونية. فبينما تُقدَّم الانتخابات المقبلة على أنها محطة حاسمة لتجديد النخب وضخ دماء جديدة في المؤسسات المنتخبة، قد يجد الناخب نفسه أمام لوائح يغلب عليها الطابع العائلي بدل التنوع والكفاءة.

ومع ذلك، يرى محللون أن الفرصة لا تزال قائمة أمام الأحزاب لمراجعة أسلوبها في توزيع التزكيات واعتماد معايير أكثر شفافية، قادرة على إعادة الثقة إلى قواعدها الداخلية وجذب الناخبين للمشاركة بكثافة. فالتحدي الحقيقي لا يكمن فقط في كسب المقاعد داخل البرلمان المقبل، بل في إعادة الاعتبار للعمل السياسي كمجال للتعبير عن الإرادة الشعبية، لا مجرد أداة لتدوير النفوذ بين الأجيال داخل العائلات السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى