أخبار الدار بلوس

المغرب.. جدل متصاعد حول التمويل العمومي للأحزاب مع اقتراب انتخابات 2026

المغرب.. جدل متصاعد حول التمويل العمومي للأحزاب مع اقتراب انتخابات 2026

الدار/ محمد الحبيب هويدي

مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة في المغرب سنة 2026، يتجدد الجدل حول التمويل العمومي المخصص للأحزاب السياسية، في ظل مطالب رسمية بزيادة الميزانية الموجهة للحملات الانتخابية، مقابل انتقادات متنامية بشأن ضعف الشفافية في تدبير هذه الأموال.

فقد تقدمت عدة أحزاب سياسية بمذكرات إلى وزارة الداخلية، تطالب فيها برفع الدعم المخصص للحملات من 60 إلى 80 مليون درهم، بدعوى ارتفاع تكاليف التنظيم والتواصل. في المقابل، ذهب 22 حزباً صغيراً أبعد من ذلك، إذ طالبت برفع الغلاف المالي الإجمالي من 75 إلى 200 مليون درهم، معتبرة أن محدودية التمويل تعرقل تكافؤ الفرص مع الأحزاب الكبرى وتضعف المنافسة الانتخابية.

لكن هذه المطالب تصطدم بمعطيات المجلس الأعلى للحسابات، وهو الهيئة الدستورية المكلفة بالرقابة المالية، التي ما فتئت تسجل في تقاريرها خروقات في تدبير المال العمومي الموجه للأحزاب، سواء عبر تجاوز سقف التبرعات أو العجز عن تقديم تبريرات دقيقة للمصاريف، خصوصاً خلال استحقاقات 2021.

ويرى مراقبون أن النقاش حول التمويل يتجاوز البعد المالي، ليطرح سؤالاً أعمق يتعلق بمستقبل الثقة السياسية. فالباحث المغربي في العلوم السياسية محمد الغالي يؤكد أن “رفع التمويل لا يمكن أن يكون مجدياً ما لم يرتبط بإصلاحات مؤسساتية تفرض الشفافية والنشر العلني للحسابات المالية، وإلا فإن ضخ أموال إضافية قد يزيد من فجوة انعدام الثقة بين المواطن والأحزاب”.

وعلى الصعيد المقارن، تشير تجارب أوروبية مثل فرنسا وإسبانيا إلى أن التمويل العمومي يتم ربطه بعدد الأصوات والمقاعد المحصل عليها، مع إلزام الأحزاب بنشر حساباتها بشكل علني، ما يتيح للمواطنين والإعلام ممارسة رقابة موازية. في حين تعتمد دول أخرى مثل ألمانيا وكندا آليات صارمة تحد من حجم الهبات الخاصة، بهدف منع أي تأثير غير متكافئ لرأس المال على القرار السياسي.

المفارقة في السياق المغربي أن هذه المطالب بالزيادة تأتي في وقت يطالب فيه جزء واسع من الرأي العام بتقليص النفقات العمومية لصالح القطاعات الاجتماعية الأكثر إلحاحاً، مثل التعليم والصحة والتشغيل، في ظل الضغوط الاقتصادية التي تواجهها الأسر.

وعليه، يبقى النقاش مفتوحاً: هل يشكل رفع تمويل الأحزاب استثماراً ضرورياً في ترسيخ الديمقراطية والتعددية السياسية، أم أنه ترف مالي يتناقض مع أولويات اجتماعية ملحة؟ سؤال ستظل إجابته معلقة على توازن صعب بين كلفة الحياة السياسية وضغط المطالب الاجتماعية، مع اقتراب استحقاقات 2026.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى