أخبار الدار بلوس

تلفزيون العرايشي.. حين يتحول أستوديو تغطية مباراة من ملعب أبهر العالم إلى مشهد من مقهى شعبي

تلفزيون العرايشي.. حين يتحول أستوديو تغطية مباراة من ملعب أبهر العالم إلى مشهد من مقهى شعبي

 

الدار/ إيمان العلوي

أثار النقل التلفزيوني الأخير لمباراة المغرب والنيجر جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والجماهيرية، بعدما بدا المشهد البصري دون مستوى الحدث، إذ اعتمدت القناة الوطنية على استوديو بدائي داخل ملعب الأمير مولاي عبد الله الجديد يفتقر إلى مقومات الاحترافية، ما جعل الصورة النهائية أقرب إلى جلسة عابرة في مقهى شعبي منها إلى تغطية رسمية لافتتاح ملعب جديد يفترض أن يكون مفخرة للرياضة الوطنية.

هذا المشهد يعكس إشكالية أعمق من مجرد خطأ تقني أو ضعف في الإعداد؛ إنه انعكاس مباشر لأزمة هيكلية يعيشها الإعلام العمومي، حيث يغلب منطق الوظيفية الإدارية على روح الابتكار والجرأة المهنية. فبدل أن يتحول التلفزيون إلى فضاء يستقطب الكفاءات القادرة على مواكبة المعايير الدولية في الإخراج والتصوير والتقديم، ظل رهين عقلية بيروقراطية تجعل من بعض العاملين مجرد موظفين ينتظرون رواتبهم في نهاية الشهر، بغض النظر عن مستوى ما يقدمونه للمشاهد.

المفارقة أن المغرب، بما يتوفر عليه من طاقات شابة في مجالات السمعي البصري، ومن مؤسسات للتكوين الإعلامي، قادر على إنتاج مضامين توازي كبريات المحطات الدولية، لكن سوء التدبير وانعدام الرؤية الاستراتيجية يجعل هذه الإمكانات معطلة. في المقابل، تواصل القنوات الخاصة والمنصات الرقمية استقطاب الجمهور عبر محتوى أكثر مرونة وجرأة وإبداعاً، ما يفاقم عزلة الإعلام الرسمي.

اللحظة تفرض وقفة نقدية جادة: هل يعقل أن يظل التلفزيون العمومي عاجزاً عن إعداد استوديو خارجي احترافي يواكب قيمة الأحداث الوطنية؟ أم أن المشكلة أعمق وتتعلق بغياب إرادة حقيقية لإصلاح القطاع وتحريره من قيود التسيير الروتيني؟

إن إنقاذ صورة الإعلام العمومي لن يتحقق عبر مسكنات ظرفية، بل يتطلب ثورة إدارية وإبداعية تعيد الاعتبار للكفاءة وتفتح الباب أمام الطاقات الشابة، لأن المشاهد المغربي لم يعد يقبل بمحتوى باهت في زمن تتنافس فيه المنصات العالمية على كسب انتباهه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى