أخبار الدار بلوس

المغرب يخطو نحو عصر الغواصات الحربية… قوة بحرية صاعدة في المتوسط والمحيط

المغرب يخطو نحو عصر الغواصات الحربية… قوة بحرية صاعدة في المتوسط والمحيط

الدار/ إيمان العلوي

يبدو أن المغرب يسير بخطوات ثابتة نحو تعزيز مكانته كقوة بحرية صاعدة، بعدما كشفت تقارير متطابقة عن تحركات جادة لاقتناء أول غواصات حربية في تاريخه. هذه الخطوة ليست مجرد إضافة تقنية إلى ترسانة الجيش المغربي، بل تعكس رؤية استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى تعزيز الحضور العسكري للمملكة في البحرين الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، وإعادة صياغة موازين القوى في المنطقة المغاربية.

المغرب، الذي يدرك أهمية موقعه الجغرافي كبوابة بين إفريقيا وأوروبا وإشرافه على مضيق جبل طارق، يسعى إلى امتلاك قدرات دفاعية متقدمة تتيح له مراقبة وحماية مجاله البحري وتأمين خطوط الملاحة الدولية التي تمر بمحاذاته. وبحسب مصادر متخصصة، فإن الرباط تدرس خيارات متعددة لشراء غواصات حديثة، من بينها الطراز الروسي “آمور-1650” المزوّد بنظام دفع لا هوائي يتيح لها العمل لفترات طويلة تحت الماء، إضافة إلى عروض فرنسية وألمانية وأوروبية أخرى قد تمنح المغرب مرونة في اختيار الأفضل من الناحية التقنية والاستراتيجية.

ورغم أن اقتناء غواصات يعد استثمارًا مكلفًا يتطلب تجهيزات وبنى تحتية متطورة وأطقمًا بشرية ذات تكوين عالٍ، فإن المملكة أظهرت خلال السنوات الأخيرة قدرة واضحة على تحديث قواتها المسلحة بشكل متدرج ومدروس، سواء عبر صفقات نوعية في سلاح الجو أو في الدفاع الجوي والبحرية، أو من خلال الاستثمار في قواعد بحرية جديدة، مثل القاعدة الضخمة بالقصر الصغير التي صارت إحدى أبرز ركائز أمن الملاحة في المنطقة.

هذه الخطوة المغربية من شأنها أن تثير اهتمامًا متزايدًا لدى كل من الجزائر وإسبانيا. فالجزائر، التي تمتلك غواصات روسية متقدمة من طراز “كيلو”، قد تنظر إلى هذه التطورات كمحاولة لمعادلة ميزان القوى البحري، وهو ما سيدفعها حتمًا إلى المزيد من الإنفاق الدفاعي لتعزيز تفوقها في هذا المجال. أما إسبانيا، الجارة الشمالية، فستتابع بحذر أي تحرك مغربي في هذا الاتجاه، خصوصًا بالنظر إلى الحساسية الأمنية لمضيق جبل طارق، لكنها في الوقت نفسه قد تجد في ذلك فرصة لتعزيز التعاون الأمني والبحري مع الرباط في إطار الشراكات الأوروبية.

ورغم هذه الحسابات الإقليمية، فإن المغرب لا ينطلق من منطق سباق تسلح بقدر ما يسعى إلى تأمين مصالحه الاستراتيجية وتعزيز مكانته كشريك موثوق في ضمان استقرار المنطقة. امتلاك الغواصات سيمنح البحرية الملكية بعدًا جديدًا من الردع والمرونة العملياتية، ويجعل المغرب لاعبًا لا يمكن تجاوزه في أي معادلة تخص الأمن البحري غرب المتوسط.

دخول المغرب نادي الدول المالكة للغواصات ليس مجرد حدث عسكري، بل تحول استراتيجي يعكس رؤية متقدمة لدولة عازمة على حماية سيادتها، تعزيز أمنها القومي، والانفتاح على تقنيات دفاعية تجعلها أكثر استعدادًا لمواجهة تحديات المستقبل في بيئة إقليمية ودولية متحركة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى