المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يؤكد على استعجالية وضع استراتيجية وطنية منسقة لتحويل البحث العلمي إلى ابتكار في خدمة تنمية المغرب
المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يؤكد على استعجالية وضع استراتيجية وطنية منسقة لتحويل البحث العلمي إلى ابتكار في خدمة تنمية المغرب

أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي رأيا استشاريا أعده بطلب من مجلس المستشارين، تحت عنوان “مساهمة البحث العلمي في الابتكار وتطوير وتقوية القدرات التنافسية للاقتصاد الوطني-استعجالية وضع استراتيجية وطنية منسقة ومندمجة”.
ويسلط هذا الرأي الضوء على العوائق التي تحول دون تحويل مشاريع البحث العلمي إلى ابتكارات ملموسة. كما يقترح توصيات ترمي إلى جعل الابتكار في صلب الأولويات الوطنية، وتعزيز أوجه التعاون والتكامل بين الباحثين والمبتكرين والفاعلين الاقتصاديين، وذلك في خدمة التنمية المستدامة للمملكة.
إمكان عالمي واعد، لكنه غير مثمن على الوجه الأمثل
ويسجل المجلس أن المغرب أحرز تقدما ملموسا في هيكلة منظومته الوطنية للبحث والابتكار، التي تضم شبكة من الفاعلين العموميين والخواص، وتزايدا مطردا في عدد من الباحثين وطلبة الدكتوراه، فضلا عن إنتاج علمي مفهرس يسجل حجمه منحى تصاعديا، لكنه يبقى مع ذلك دون المعايير الدولية.
ويؤكد هذا الرأي، من خلال تشخيص واقع حال القطاع، أنه كلما توفرت الشروط القبلية الضرورية، من قبيل إرساء الالتقائية وتوفير التمويل ووضع إطار شراكة مناسب، أثمر ذلك نتائج وآثار ملموسة، مما يبرز قدرة بلادنا على جعل البحث العلمي في خدمة ابتكار يدعم دينامية النمو والتنمية.
ففي مجال الصحة، على سبيل المثال، نجحت المملكة في تطوير وتسويق أدوية استراتيجية، من بينها مضادات حيوية مبتكرة وعلاجات جنيسة منخفضة التكلفة. وفي مجال الصناعات الاستخراجية، تم تطوير عمليات مبتكرة لتثمين مكامن معدنية كانت تعتبر إلى عهد قريب غير قابلة للاستغلال.
كما تم تطوير وتسجيل براءات اختراع تقنيات تحويل مخلفات المناجم إلى منتجات قابلة للتسويق، لا سيما في مجال تخزين الطاقة عبر بطاريات من نوع ليثيوم-أيون. كما شملت هذه الدينامية قطاعات ناشئة أخرى، مثل التكنولوجيات عالية الدقة، من خلال تطوير طائرات مسيرة مخصصة للاستخدام المدني والعسكري.
إكراهات هيكلية ينبغي تجاوزها
وتجدر ملاحظة أنه رغم التقدم المحرز، لا يزال هناك عدد من الإكراهات التي تعيق تطوير منظومة وطنية فعالة وقادرة على تحويل البحث العلمي إلى ابتكار من شأنه خلق القيمة القادرة على الارتقاء بمستوى الاقتصاد والتنمية ببلادنا. وتشمل هذه الإكراهات على وجه الخصوص ما يلي:
• ضعف هيكلي في تمويل البحث العلمي، فحسب آخر المعطيات المتوفرة (2016)، بلغ الإنفاق الداخلي الإجمالي على البحث العلمي والتطوير 0.75 في المائة من الناتج الداخلي الاجمالي، وظل تقريبا دون تغيير وفقا لما أشار إليه الفاعلون والأطراف المعنية الذين تم الإنصات إليهم. ويظل هذا المستوى أقل بكثير من المتوسط العالمي (2,68٪) والأوروبي (2,24٪). كما أن تمويل منظومة البحث يستند بالأساس إلى الموارد العمومية، في حين لا تتجاوز مساهمة القطاع الخاص 30 في المائة.
• عدم استكمال الإطار المؤسساتي والقانوني المتعلق بالبحث والابتكار، إذ لم يتم بعد تفعيل مقتضيات أساسية نص عليها القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، من قبيل تخويل الجامعات إمكانية إحداث شركات تابعة لها كبنيات لتثمين البحث العلمي.