ستافان دي ميستورا: قرار مجلس الأمن 2797 يعتمد الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كأساس للتفاوض لحل نهائي لنزاع الصحراء
ستافان دي ميستورا: قرار مجلس الأمن 2797 يعتمد الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كأساس للتفاوض لحل نهائي لنزاع الصحراء

الدار/ مريم حفياني
في أول تصريح له عقب تبني مجلس الأمن للقرار رقم 2797 بشأن قضية الصحراء المغربية، خرج المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، من مقر إقامته في بروكسيل، بتصريحات وصفها مراقبون بأنها تحمل نَفَسًا جديدًا وإشارات واضحة إلى بداية مرحلة أكثر جدية في مسار التسوية السياسية لهذا النزاع الممتد منذ نصف قرن.
دي ميستورا، الذي تحدث بالإنجليزية في بيان رسمي تُرجم لاحقًا إلى الفرنسية، أكد أن القرار الأممي الجديد يمثل “تحولًا مهمًا ليس فقط في مضمونه، بل أيضًا في ما يعكسه من دينامية دولية متجددة وإرادة حقيقية لحل أحد أقدم النزاعات في إفريقيا”. وأضاف أن “الأمم المتحدة أشبه بسفينة تمتلك خبرة الإبحار، لكنها تحتاج إلى رياح قوية وثابتة، أي إلى التزام جاد من الدول الأعضاء، وخاصة من القوى المؤثرة داخل مجلس الأمن”.
وأشار المبعوث الأممي إلى أن القرار 2797 جاء ثمرة “انخراط فاعل من عدة أطراف داخل المجلس، بقيادة كل من الدكتور مسعد بولص والسفير مايك والتز”، مؤكدًا أن النص الذي تمت صياغته بعناية شديدة “يُرسّخ إطارًا واضحًا للمفاوضات دون فرض نتيجة مسبقة”، مذكرًا بأن “الحل الدائم لا يمكن أن يُفرَض من الخارج، بل يُبنى عبر مفاوضات بنّاءة وبحسن نية”.
وفي معرض حديثه عن الخطوات المقبلة، أوضح دي ميستورا أن الأمم المتحدة تتطلع إلى أن يقدم المغرب نسخة موسّعة ومحدّثة من مبادرة الحكم الذاتي، كما أعلن الملك محمد السادس في خطابه الأخير، مشيرًا إلى أن هذه المبادرة “ستظل أساسًا جوهريًا للمفاوضات المقبلة”، مع إدماج مقترحات الأطراف الأخرى، بما فيها جبهة البوليساريو، في إطار نقاش شامل ومنفتح.
وأكد أن المرحلة التالية ستقوم على “دعوة جميع الأطراف إلى تقديم تصوراتها ومقترحاتها لتصميم برنامج للمفاوضات المباشرة أو غير المباشرة حول القضايا الجوهرية”، مضيفًا أن “القرار يمنح المبعوث الشخصي والأمين العام تفويضًا واضحًا لتيسير المفاوضات، بل وقيادتها عند الضرورة”.
كما عبّر عن ارتياحه لتمديد ولاية بعثة المينورسو إلى غاية أكتوبر 2026، معتبرًا أن هذا التمديد “سيساهم في خلق جو من الاستقرار الضروري لإنجاح المباحثات المقبلة”.
وفي رده على أسئلة الصحفيين، رفض دي ميستورا توصيف القرار بأنه منحاز لطرف دون آخر، مشيرًا إلى أن “القرارات الأممية ليست أحكامًا بل خارطة طريق”، موضحًا أن النص الأممي الجديد “يوازن بين المرجعيات كافة، من التأكيد على مبدأ تقرير المصير إلى الإشارة الصريحة إلى سيادة المغرب، مع الدعوة إلى التوصل إلى حل واقعي، متوافق عليه، ودائم”.
وأضاف أن القرار “يحدد بوضوح الأطراف المعنية: المغرب، جبهة البوليساريو، الجزائر، وموريتانيا”، وأنه “يفتح الباب لتقديم أفكار جديدة ضمن إطار الحكم الذاتي الحقيقي، مع الدعوة إلى مفاوضات بلا شروط مسبقة”.
وعندما سُئل عن موقف البوليساريو، اكتفى بالقول: “من الأفضل أن يُسألوا هم مباشرة، لكننا سنعمل على إشراكهم في العملية، وأتمنى أن يكونوا جزءًا فاعلًا منها”.
وفي ختام كلمته، شدد دي ميستورا على أن “العمل الحقيقي يبدأ الآن”، داعيًا جميع الأطراف إلى “التحلي بالمسؤولية والجدية للحفاظ على الزخم الإيجابي الذي خلقه القرار الأممي الجديد”، ومؤكدًا أن “فرصة التوصل إلى حل نهائي وعادل باتت أقرب من أي وقت مضى، شرط أن تبقى الإرادة السياسية حاضرة”.
بهذا التصريح، بدا واضحًا أن المبعوث الأممي يحاول رسم معالم مرحلة جديدة قوامها الواقعية والانفتاح، مع الإقرار بدور المغرب ومبادرته كمرجعية أساسية للحل، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى الرباط لمعرفة تفاصيل “النسخة الموسعة” من خطة الحكم الذاتي التي قد تشكل محور المفاوضات القادمة.




