ماذا يريد الغرب من السودان ؟

يحظى القتال الدائر في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع باهتمام اقليمي ودولي واسع منذ اندلاعه في الخامس عشر من أبريل الجاري، خصوصاً وأنه يهدد أمن واستقرار هذه المنطقة الهشة المليئة بالصراعات، وهو ما سيؤثر بشكل قاطع على الدول المجاورة، نظرا للوضع المتشابك بينها.
ويؤكد الخبراء أن لهذا الصراع تداعيات تتجاوز حدوده بكثير، وقد يكون مطولا، مما قد يتسبب في اندلاع حرب أهلية أو تقسيم الدولة إلى أقاليم متنافسة.
بالموازاة مع ذلك ، تتسارع الدول الغربية للاستفادة من الأزمة العاصفة بالبلد لدراجة أن كل واحد يريد الاستفادة من قطعة على الأقل من السودان، فماذا يمثل هذا البلد بالنسبة للغرب ؟
الموقع و الدول المجاورة :
تعتبر السودان الآن منطقة كبيرة في شرق القارة الأفريقية تؤثر على المنطقة اقتصاديا و أمنيا بالدرجة الأولى، و يحدها دول من بينها مصر وليبيا و تشاد و جمهورية أفريقيا الوسطى و إريتريا وجنوب السودان و إثيوبيا.
وتعتبر تشاد و إثيوبيا المجاورتين دولتان قاريتان، أي ليست لهما سواحل، و تعتمدان بشكل كبير على الموانئ السودانية، و أهمها بورتسودان، و الاختلالات الأمنية ستؤثر على الطرق الحيوية التي تعبر إلى تشاد و أثيوبيا و أوغندا.
ورغم أن السودان ليس غريبا على الصراعات، لكن القتال هذه المرة يمزق العاصمة الخرطوم، وليس المناطق النائية للدولة الواقعة على حدود البحر الأحمر و الساحل و القرن الأفريقي.
إلى جانب الاضطرابات السياسية و الصراعات في السنوات الأخيرة التي انبثقت عنها الحركة الشعبية لتحرير السودان، بزعامة جون قرنق، و حركات مماثلة في شمال أوغندا و إريتريا و إثيوبيا و تشاد، وحتى في ليبيا، التي انتقل إليها أفراد لتشكيل مجموعات وجدت أرضا خصبة للنمو. وهو ما يؤكد أن ما يحدث في السودان لن يبقى في السودان ، و سينتقل إلى جيرانها ، سواء بشكل مباشر أو من خلال دعم قوات بالوكالة، وهو ما ستكون له، تداعيات خطيرة محتملة على الأمن الإقليمي و يعرض حياة الملايين للخطر .
إنتشار الاسلام و اللغة العربية :
بدأت اللغات المحلية فى مناطق التداخل اللغوي بالسودان فى انحسار مستمر لصالح اللغة العربية التي احتكرت مجال الاستخدام اليومي، وبدأت اللغات المحلية منذ أمد بعيد فى التناقص الكمي لعدد المتحدثين بها، لتصبح العربية هي اللغة الوحيدة بين الأطفال والغالبة بين الشباب، ومتساوية مع اللغات المحلية بين الآباء و الأمهات،
وجاء إنتشارها نتيجة لاستخدامها فى المجالات المستحدثة كالتعليم العالي و الفني وفى الدبلوماسية والتجارة الخارجية وغيرها.
وكان الاسلام هو السبب الرئيسي في دخول العربية الى السودان مع وصول القبائل العربية الوافدة التي امتدت هجرتها إلى فترة طويلة، تمكنت فيها هذه القبائل من نشر الإسلام واللغة العربية في المناطق التي تغلبت عليها عنصريًّا، وفي بعض المناطق – مثل بلاد النوبة ودارفور – كان التأثير الأكبر إسلاميًّا، خصوصاً أنها لغة القرآن الكريم، والعلوم الإسلامية، ويعد تنشيط الحركة التجارية من العوامل الرئيسية التي أسهمت في اتساع رقعة الإسلام واللغة العربية، وقد احترم مسلمو تلك الأصقاع العربية احتراما يقربها من التقديس لأنها لغة القرآن الكريم.
وقد انتشرت اللغة العربية انتشارا واسعا فحيث حلّ الإسلام حلت اللغة العربية لأنها لسانه وأداته في مخاطبة الآخرين وبها دونت علومه المختلفة.
السودان بلد الثروات الهائلة :
يتمتع السودان بالعديد من الموارد الطبيعية مثل البترول والغاز الطبيعي و مناجم الذهب و اليورانيوم، إضافة إلى الأراضى الزراعية الضخمة مما جعل السودان يسمى بسلة غذاء العالم .
اذ يمتلك مقومات زراعية هي الأكبر في المنطقة العربية، بواقع 175 مليون هكتار صالحة للزراعة، بجانب مساحة غابية تقدر بحوالي 52 مليون هكتار .
وفي الشق الحيواني، يتمتع السودان بـ 102 مليون رأس من الماشية، متحركة في مراع طبيعية، تُقدر مساحتها بـ 118 مليون هكتار، فضلا عن احتلالها المرتبة الثانية في القارة من حيث الزراعة المروية، ويتوفر على أكثر من 10 أنهار يتدفق بعضها بصورة دائمة أو موسمية، عدا مياه الأودية والمياه الجوفية والأمطار، إذ يزيد معدل التساقطات السنوي عن 400 مليار متر مكعب.
كما تتوفر السودان على الكثير من الموارد غير المستغلة من الثروات المعدنية، مثل الذهب، الذي يفوق إنتاجه السنوي 105 أطنان وفق إحصائيات حكومية.
أما بالنسبة للنفط فيقدر إجمالي احتياطي النفط نحو 65.4 مليون برميل من النفط و300 مليار قدم مكعب من الغاز، و يُعتقد أن دارفور و كردفان قد تكونا أغنى مناطق النفط في البلاد. كما تشير التقديرات إلى وجود احتياطيات هائلة محتملة في المناطق الصحراوية شمال غرب السودان و حوض النيل الأزرق ومنطقة البحر الأحمر في شرق السودان، ولكنها ليست مكتشفة بعد.
و تمتلك السودان مجموعة واسعة من المعادن الطبيعية، تشمل النحاس والذهب والحديد و الكروم و المنغنيز و الجبس والرخام والحجر الجيري واليورانيوم و الميكا. و أكثرها قدمًا تعدين الذهب، وهو الشئ الذي يسيل لعاب الشركات العالمية، إذ يوجد هناك حوالي 170 شركة لتعدين الذهب من السعودية وروسيا والمغرب وتركيا وقطر والصين.
كل هذه الثروات جعلت السودان يعطي الأولوية لقطاع التعدين كأفضل مصدر للعملات الأجنبية وفرص العمل.
من خلال ما سبق ، يتاكد للجميع أن مصالح الدول الغربية تهدف إلى السيطرة على كنوز السودان المدفونة ، وعلى رأسها الذهب مما جعل الغرب يتهم مجموعة “فاغنر” الروسية بالتورط في انشطه غير قانونيه لتعدين الذهب في السودان.