الجزائر تبحث عن صفقات واهية لتغيير الموقف الأمريكي من مغربية الصحراء
الجزائر تبحث عن صفقات واهية لتغيير الموقف الأمريكي من مغربية الصحراء

الدار/ إيمان العلوي
في توجه لا يخلو من الارتباك السياسي، تحاول القيادة الجزائرية مجددًا اللعب على وتر الاقتصاد والمصالح الجيواستراتيجية لإعادة تموضعها في ملف الصحراء المغربية، وذلك من خلال تقديم عروض مغرية تتعلق بثرواتها الباطنية ومناجمها المتناثرة في الجنوب الجزائري لمسؤولين أمريكيين مقربين من الرئيس دونالد ترامب.
هذه المناورة الجديدة تعكس حالة التخبط التي يعيشها النظام الجزائري، العاجز عن التأقلم مع المتغيرات الدولية التي باتت تصبّ بوضوح في مصلحة المقترح المغربي للحكم الذاتي، الذي يحظى بدعم متزايد من القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
التحركات الجزائرية الأخيرة لا تنفصل عن سياق استراتيجي أوسع، إذ وجدت نفسها في عزلة دبلوماسية بعد أن تخلّت العديد من العواصم المؤثرة عن دعمها غير المشروط لأطروحة الانفصال، وبدأت تعترف بمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل وحيد واقعي للنزاع المفتعل في الصحراء.
ويبدو أن الجزائر، بدلًا من مراجعة مواقفها والدخول في منطق البناء المغاربي والتكامل الإقليمي، اختارت المضي في طريق المناورات الدبلوماسية وتقديم مواردها الطبيعية كأوراق مساومة، في محاولة يائسة لشراء مواقف سياسية لن تُثمر سوى مزيد من التآكل في رصيدها السياسي.
الاستقبال الذي خصصته الجزائر لمبعوث دونالد ترامب يأتي ضمن هذه الاستراتيجية، حيث حاول النظام العسكري إغراء الوفد الأمريكي بمشاريع تتعلق باستغلال مناجم الحديد والفوسفات، وتسهيل الوصول إلى ثروات نادرة يطلبها السوق الأمريكي. لكن هذه المقاربة التجارية للقضايا السيادية لا تعكس إلا فشلًا عميقًا في فهم منطق المصالح الدولية، التي لا تُبنى على العروض الظرفية وإنما على الثقة، والاستقرار، والمواقف الثابتة.
الإدارة الأمريكية، سواء في عهد ترامب أو بايدن، عبّرت مرارًا عن دعمها لمغربية الصحراء، معتبرة أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الإطار الأكثر جدية ومصداقية لحل النزاع، وهو ما تم تأكيده في مناسبات رسمية عدة.
محاولات النظام الجزائري لاستعمال الموارد الطبيعية كأداة للتأثير على القرار الأمريكي تكشف عن أزمة أعمق داخلية وخارجية. داخليًا، يُواجه هذا النظام تحديات اجتماعية واقتصادية متفاقمة، وتراجعًا في الحريات، واحتقانًا سياسيًا متصاعدًا. وخارجيًا، فشل في فرض أجندته على الملف الصحراوي، بعدما تكثّف الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، وتزايد عدد القنصليات الأجنبية في مدينتي الداخلة والعيون. وهو ما يضع الجزائر في مواجهة حقائق جديدة لم تعد تنفع معها لا سياسة الإنكار، ولا لغة التهديد، ولا حتى محاولة الإغراء.
ويبدو أن ما تبذله الجزائر اليوم من جهود للعب دور محوري في نزاع الصحراء ليس سوى محاولة يائسة لإبقاء نفسها على طاولة النقاش الدولي، في وقت تجاوز فيه العالم هذا الملف باتجاه تبني الحلول الواقعية. أما العروض الاقتصادية التي تقدمها اليوم، فهي ليست سوى هروب إلى الأمام من نظام فقد بوصلته في الداخل، ويحاول أن يعوض فشله بخلق معارك خارجية لا رابح فيها.