أخبار الدار بلوس

النفط يتراجع والإنفاق يتصاعد.. الجزائر على حافة أزمة اقتصادية

النفط يتراجع والإنفاق يتصاعد.. الجزائر على حافة أزمة اقتصادية

 

 

الدار/ إيمان العلوي

تشهد الجزائر واحدة من أخطر أزماتها المالية منذ سنوات، بعدما قفز عجز الميزانية بشكل مهول في عام 2024 ليصل إلى نحو 38 مليار دولار، أي بزيادة قاربت 250% مقارنة بالسنة السابقة. هذه الأرقام الصادمة التي كشف عنها بنك الجزائر دقت ناقوس الخطر بشأن مستقبل المالية العامة للبلاد، خاصة في ظل استمرار اعتماد الاقتصاد بشكل شبه كلي على عائدات الطاقة التي سجلت تراجعاً ملموساً.

وبحسب البيانات الرسمية، فإن إيرادات الميزانية الجزائرية انخفضت بأكثر من 22% خلال 2024، نتيجة تراجع أسعار النفط والغاز في الأسواق الدولية، إلى جانب ضعف مستويات التصدير. هذا الانكماش في المداخيل، ترافق مع ارتفاع غير مسبوق في الإنفاق العمومي، ما أدى إلى قفز العجز من 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023 إلى 13.8% في 2024، وهو مستوى لم تشهده البلاد منذ سنوات.

يرى خبراء اقتصاديون أن الوضع المالي للجزائر يعكس هشاشة نموذجها الاقتصادي القائم على الريع الطاقي، إذ لم تفلح وعود تنويع مصادر الدخل في توفير بدائل حقيقية قادرة على مواجهة تقلبات أسواق النفط. كما أن الإنفاق الحكومي المتنامي، سواء على الدعم أو على مشاريع البنية التحتية غير المدرة للعوائد المباشرة، فاقم من حجم العجز وفاق قدرات الدولة على التحكم في التوازنات المالية.

بنك الجزائر حذر بدوره من “مخاطر ضعف في المالية العامة”، مشيراً إلى أن استمرار هذا المسار قد يهدد استقرار العملة المحلية ويضع البلاد أمام سيناريوهات صعبة، من بينها اللجوء إلى طبع النقود أو الاستدانة الخارجية، وهو خيار طالما تجنبت السلطات الجزائرية الحديث عنه علناً.

وتطرح هذه الأزمة تساؤلات كبرى حول مدى قدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحات هيكلية تخرج البلاد من دائرة الارتهان للمحروقات. فبينما تراهن السلطة على مشاريع الطاقة المتجددة والشراكات الدولية، يؤكد خبراء أن غياب رؤية اقتصادية متكاملة وشفافة سيجعل أي حلول ترقيعية عاجزة عن معالجة عمق الأزمة.

بهذا الوضع، تدخل الجزائر مرحلة دقيقة، حيث لم يعد انهيار الإيرادات الطاقية وحده هو التهديد، بل أيضاً استمرار سياسات مالية توسعية غير مدروسة قد تعمق هشاشة الاقتصاد وتضع استقرار البلاد على المحك في السنوات المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى