أخبار دولية

2022.. إقرار قانون المناخ، خطوة الرئيس الأمريكي الحاسمة تجاه البيئة

شكل توقيع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أواسط السنة التي نودعها، على قانون خطته المتعلقة بالمناخ والرعاية الصحية وخفض التضخم، أبرز خطوة تضع الولايات المتحدة، مجددا، على الطريق نحو تحقيق التزاماتها المناخية، وتمنح البلاد زخما في هذا المجال.

التوقيع على هذه الخطة شكل، وبالنسبة للعديد من المحللين انتصارا للحزب الديمقراطي الحاكم، بيد أن السياق السياسي الراهن، الذي أفرزته انتخابات التجديد النصفي، والتي منحت أغلبية مجلس الشيوخ للجمهوريين، يلقي بظلاله على مستقبل التزامات البلاد في المجال البيئي، وسط تخوف من إقدام الجمهوريين، الذين وعدوا على الخصوص بتقليص النفقات العمومية ورفع إنتاج المحروقات الأحفورية، على عرقلة مشاريع الحزب الحاكم الهادفة إلى حماية البيئة.

بقيمة 750 مليار دولار، وقع الرئيس بايدن، في غشت الماضي، قانون خطته الضخمة للمناخ والصحة وخفض التضخم، 370 مليار منها مخصصة لمكافحة التغير المناخي، في ما يعد أكبر التزام في تاريخ الولايات المتحدة بالحد من آثار التغير المناخي التي تزحف على مختلف أنحاء البلاد، على غرار باقي مناطق العالم.

وبموجب هذه الخطة، التي تروم خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 40 في المائة بحلول العام 2030، يستفيد المواطن الأمريكي، على الخصوص، من نحو 7500 دولار من الإعفاءات الضريبية لدى اقتناء سيارة كهربائية، كما يحصل على تغطية نسبتها 30 في المائة لدى تركيب ألواح شمسية على سطح المنزل.

كما يسعى المشروع، على الخصوص، إلى تعزيز حماية الغطاء الغابوي، وذلك من أجل التصدي لموجات الحرائق التي تعصف بأجزاء من الغرب الأمريكي، والتي يساهم في تأجيجها تأثير الاحتباس الحراري.

وبالنظر لتعرض مناطق واسعة من الولايات المتحدة للعديد من الظواهر المناخية القصوى، من فيضانات وحرائق وعواصف فضلا عن موجات الجفاف، كان الانخراط في جهود المنتظم الدولي الهادفة إلى الحد من آثار التغير المناخي ضرورة حتمية، لمواجهة أزمة المناخ.

مؤخرا، جابت صور الدمار الذي اجتاح سواحل ولاية فلوريدا الأمريكية عقب مرور إعصار “إيان”. ليست هذه الكارثة المناخية الأولى التي تشهدها البلاد، ولن تكون الأخيرة بالتأكيد، غير أن الأصوات أضحت تتعالى، وبشكل متزايد، من أجل ضمان بنيات تحتية مستدامة، تقلل من حجم الخسائر البشرية والأضرار المادية الجسيمة التي تخلفها هذه الظاهرة الطبيعية المدمرة.

في فورت مايرز، أكثر مدن ولاية فلوريدا تضررا من الإعصار، وقف الرئيس الأمريكي على حجم الدمار: طمي يغمر الشوارع المحاذية للساحل، سيارات وأبنية مغطاة ، منازل متضررة جزئيا أو كليا، والركام الذي يغمر اليابسة والبحر. خسائر الإعصار تقدر بحوالي 67 مليار دولار، ليصنف بذلك ضمن أكبر خمسة أعاصير ضربت الولايات المتحدة.

كما يفيد تقرير حديث بأن إعصار “إيان”، الذي اجتاح ولايتي فلوريدا وكارولاينا الجنوبية في شتنبر الماضي، تسبب في ثاني أكبر خسارة مؤمنة في البلاد، منذ إعصار كاترينا في العام 2005.

وحسب التقرير الصادر عن شركة التأمين “Swiss Re”، فإن التقديرات الأولية تشير إلى خسائر مؤمنة تتراوح قيمتها ما بين 50 و65 مليار دولار، مما يجعل منها الكارثة الطبيعية الأكثر كلفة هذه السنة. ويرجح أن تكون الخسائر أعلى بكثير، إذ أن هذا التقرير يتضمن فقط الخسائر المؤمن عليها، ولا يدرج تلك غير المؤمن عليها.

كما أن حرائق الغابات التي تجتاح عددا من الولايات الأمريكية، والتي تفاقم من حدتها موجات الجفاف القاسي، تظهر الحاجة العاجلة لاتخاذ إجراءات حاسمة لإنقاذ مستقبل الكوكب.

وشكل المؤتمر السابع والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “كوب27″، المنعقد في شرم الشيخ هذه السنة، مناسبة أخرى جدد خلالها الرئيس الأمريكي جو بايدن، تأكيد انخراط بلاده في الجهود الدولية الهادفة إلى الحد من تأثيرات الاحتباس الحراري على المناخ.

مؤتمر شرم الشيخ كان إذن محطة مناخية هامة، جدد من خلالها الرئيس بايدن تأكيد التزامه بالتصدي للإشكاليات المرتبطة بالتغير المناخي، سواء على الصعيد الداخلي أو ما يتعلق بمساعدة البلدان النامية على التكيف مع آثار التغير المناخي.

في هذا الصدد، وبمناسبة انعقاد “كوب-27″، أيضا، استعرض وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة، من خلال الخطة الرئاسية الطارئة للتكيف والقدرة على الصمود، والتي ستساعد أكثر من نصف مليار شخص في البلدان النامية على التكيف مع المناخ المتغير وإدارته خلال هذه العشرية.

يظهر الالتزام القوي للولايات المتحدة في مواجهة آثار التغير المناخي مدى الأهمية التي يكتسيها ملف المناخ ضمن أجندة قاطن البيت الأبيض، الذي يسعى إلى إعادة بلاده على سكة العمل الجماعي لوقف آثار التغير المناخي.

وفي شتنبر 2023، ستكون القمة التي أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن عقدها للاستجابة لحالة الطوارئ التي يواجهها العالم بسبب أزمة المناخ، مناسبة جديدة لإبراز انخراط الولايات المتحدة في جهود المنتظم الدولي الحثيثة، سيما وأن الأمين العام الأممي أكد أن “ثمن الدخول إلى هذه القمة غير قابل للتفاوض: إجراء جديد جاد وذو مصداقية للمناخ”.

 

المصدر الدار: و م ع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى