محاولات جديدة لإحياء مشاريع وأجندات اخوانية مخربة للأمن والاستقرار في دول المغرب العربي
الدار- خاص
كان هبوب رياح التغيير الشعبي في بلدان المغرب العربي، كافيا لإنهاء سنوات عجاف من تسلط فلول التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، حيث جاء الانهيار الإخواني في بلاد المغرب العربي، عبر إجراءات سياسية، كالانتخابات -في المغرب، أو إجراءات إنقاذ دستورية، كتلك التي جرت في تونس، والتي أعلن خلالها الرئيس التونسي قيس سعيد تجميد عمل البرلمان، الذي يسيطر عليه الإخوان، وحل الحكومة، متكئًا في قرارته تلك على الفصل 80 من الدستور.
فبعد هذه الخسائر، التي مُنيت بها جماعة الإخوان من الإطاحة بها في 30 يونيو 2013 في القاهرة، والتي تعد قلب الإخوان، وما تلاها من “إخفاقات” و”هزائم” متتالية لكل فصائل الجماعة بالدول العربية مثل تونس والمغرب وليبيا، تحاول قوى استعادة واحياء المشاريع والأجندات الاخوانية في هذه البلدان، من خلال استغلال مجالي العمل الدعوي والعمل الأهلي الخيري التطوعي، باعتبارهما وسائل يمكن الولوج منها للمجتمعات العربية، ودغدغة عواطفهم.
في الجزائر، حاولت حركة “مجتمع السلم”، التي تعيش على وقع أزمات داخلية، والمعزولة عربيا، تقديم مذكرة للقادة العرب المشاركين في قمة الجزائر الأخيرة، ضمنتها دعوة للحوار مع تركيا وإيران ومقترحات لإصلاح جامعة الدول العربية، في محاولة لإثبات وجودها، في وقت تفكك فيه مشروع الإخوان في المنطقة مع سقوط بدأ في مصر والسودان وانتهى في تونس والمغرب، بشكل دفع بالعديد من المراقبين الى التأكيد على أن ” حركة “مجتمع السلم” الإخوانية تحولت الآن إلى ناطق رسمي غير معلن يمثل الرؤية التي تريد الرئاسة الجزائرية تقديمها للقمة العربية.
وفسح النظام العسكري الجزائري، الطريق أمام الاجندات والمشاريع الاخوانية المهددة لاستقرار، و أمن المغرب العربي، وهو ما اتضح خلال القمة العربية الأخيرة، حيث تولت حركة “مجتمع السلم”، تقديم الدعوة إلى “الحوار والعلاقات الطبيعية مع مكونات الأمة الإسلامية وعلى رأسها إيران وتركيا، من أجل التكامل لا من أجل التنافس والصراع”، وذلك بحسب نص البيان الذي تلقاه القادة العرب، وذلك على الرغم من أن الرئاسة الجزائرية على علم ويقين بالموقف الخليجي من مسألة التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية العربية وما تمثله ميليشيات إيران من تهديدات للأمن الإقليمي.
وما يؤكد سعي نظام الكابرانات الى احياء المشاريع والأجندات الاخوانية في المغرب العربي، هو أن الدعوة الى الحوار مع ايران، وتركيا خلال القمة العربية الأخيرة، كان يمكن طرحها في قمة من قمم المؤتمر الإسلامي تعقد في طهران، وليس في قمة عربية تعقد في الجزائر، فالمسافة بين المصالح العربية، وبين العلاقات بينها وبين الدول الإسلامية شيء آخر، وعندما يتعلق الأمر بإيران وتركيا فإن المخاطر تغلب على المصالح، لأنهما يمثلان تهديدا أمنيا مباشرا، أحدهما يرسل الصواريخ والمسيرات لضرب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والثاني يرسل الجيوش والمرتزقة لكي يمارس احتلالا مكشوفا لليبيا.
كما أن سعي النظام العسكري الجزائري، الى الزج بالمغرب العربي، في أتون الأجندات والمشاريع الاخوانية المخربة للأمن والاستقرار، يتضح من خلال التحالفات والعلاقات السياسية و الاقتصادية التي تبنيها إيران مع الجزائر، تسعى من ورائها إلى التوسع في شمال افريقيا، بل تخطط لأن يكون لها منفذ في الصحراء المغربية يطل على المحيط الأطلسي لتقوية دورها العسكري ومراقبة التحركات الأمريكية، مما جعلها توظف حزب الله كي ينسج علاقات مع الحركة الانفصالية “جبهة البوريساريو” .
في تونس، و بعد أكثر من عام، منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد حل برلمانهم وتضييق الخناق على إرهابهم، يواصل زعيم إخوان تونس، راشد الغنوشي، مناوراته ومحاولاته لكسب تعاطف أنصاره والقفز من سفينة النهضة الغارقة، حيث شككت الأوساط السياسية والدوائر المقربة من الاخوان من مصداقية اعلان الغنوشي، عزمه التخلي عن رئاسة الحركة في المؤتمر القادم وعدم تجديد ترشحه، مؤكدين بأنها “مناورة سياسية مفضوحة لجعل الأنصار يتمسكون به”، وبعد إدراكه أن حركته يمكن أن تحل في أي وقت بأمر قضائي بعد تتالي القضايا المرفوعة ضده بعد اتهامها بتلقي تمويلا أجنبيا.
أما في المغرب، فيحاول حزب العدالة والتنمية، الذراع السياسي لإخوان المغرب، العودة بقوة إلى المشهد السياسي في البلاد مِن باب المعارضة، بعد خروجه مِن الحكم إثر هزيمة مدوية في الانتخابات التشريعية في شتنبر 2021.
ويسعى حزب “المصباح” في الوقت الراهن، للاصطفاف في صفوف المعارضة لكسب أرضية جديدة تمكّنه من العودة إلى المشهد السياسي الذي بات خارجه بشكلٍ نهائي بعد خسارته المدوية في الانتخابات ومِن ثمّ خروجه من ائتلاف تشكيل الحكومة، فيما يمكن وصفه بأنه بحث عن موطئ قدم جديدة، لكنها محاولة محكوم عليها بالفشل لأنها تعكس تناقض المواقف وزيف الشعارات، وفشل الحزب في تدبير الشأن العام من بوابة الحكومة لولايتين متتاليتين.
وغير بعيد عن المغرب، يسعى تنظيم الإخوان في ليبيا إلى عرقلة الانتخابات العامة في ليبيا، في ظل استلام مفوضية الانتخابات الليبية قانونَ الانتخابات الذي أقره البرلمان الليبي، حيث تدرك جماعة الإخوان، فداحة الزلزال الذي هزها سواء في مصر، السودان ، المغرب، وتونس ، و أصبحت تتوقع نفس النتائج بأن تكون لها خسائر مدوية في الانتخابات القادمة. وتحاول جماعة الإخوان في ليبيا الاعتماد علي بعض التحالفات العسكرية الموجودة في المنطقة الغربية الليبية، خصوصاً طرابلس وما يحيطها من مدن، كي تحصل علي مقاعد في الانتخابات الليبية القادمة.
و يخطط تنظيم الإخوان الإرهابي للإطاحة بنظام 24 دجنبر الانتخابي ، من خلال الطعن في قانون انتخاب الرئيس الصادر عن مجلس النواب، من خلال السعي إلى تقديم طعن دستوري لقانون انتخاب رئيس دون قانون لانتخاب مجلس النواب المقبل رغم صدورهما عن مجلس النواب.
غير أن المحكمة العليا فطنت لمساعي تنظيم الاخوان، وبالتالي سترفض هذا الاستئناف، و أي طعن دستوري على أي مذكرة تعرقل الإجراء، ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 دجنبر نهاية العام الحالي.
حاولت جماعة الإخوان الليبيين عرقلة الوصول إلى الانتخابات وتعطيل مسار الأساس الدستوري للانتخابات، كما هددت بإسقاط الانتخابات العامة في حال فشل مرشحيها، اذ اشترط المشري وجماعة الإخوان، في البداية، أن يتم التصويت على مشروع الدستور الدائم للبلاد قبل الانتخابات الرئاسية، رغم علمهم بالاستحالة الإجرائية والفنية لذلك، وهو ما كشفت عنه المفوضية العليا للانتخابات، التي أكدت أن هذا يعني تأخير تنفيذ استحقاق 24 دجنبر لأكثر من عام.
و بعد أن عقد منتدى الحوار السياسي الليبي، جلسات للوصول إلى أساس دستوري للانتخابات، وتم الاتفاق على 4 مقترحات لضمان إجراء الانتخابات في موعدها، فوجئ الأعضاء بمقترحات من أعضاء الإخوان تضمنت تمديد الحكومة الحالية، وتأجيل الانتخابات، وهو ما يؤكد مساعي جماعة الإخوان الليبيين عرقلة الوصول إلى الانتخابات وتعطيل مسار الأساس الدستوري للانتخابات، المقرر اجراؤها في 24 دجنبر المقبل.